الجمعة، 2 ديسمبر 2016

مختصر: تفنيد رسالة محمد سيد حاج في المولد

🚫❌ تفنيد رسالة محمد سيد حاج في المولد بالتفصيل ❌🚫
هنالك رسالة منتشرة هذه الأيام تنسب إلى محمد سيد حاج يذكر فيها كلامًا متهافتًا عن المولد وجب الرد عليه بالبيان الشرعي حتى يستبصر المسلمون بدينهم وبمن يعمل على إضعاف حضور النبي ﷺ في وجدانهم وحياتهم، فبالله التوفيق والسداد.

❌ قال: "درج بعض المسلمين في أنحاء من الدنيا الإحتفال بمولد المصطفى ﷺ وذلك في كل عام مرة من شهر ربيع الأول ودافعهم في الإحتفال ظنهم أن هذا من حبه وتعظيمه ﷺ."
الجواب:
⚪ هؤلاء ليسوا [بعض] المسلمين، بل هؤلاء أغلب أهل القبلة، ويؤيد فعلهم هذا جمهور أهل العلم.
⚪ قال رسول الله ﷺ: "عليكم بالجماعة"، "يد الله على الجماعة"، "الشيطان من الواحد وهو من الإثنين أبعد"، "من شذ شذ في النار".
⚪ الأمة لا تجتمع على ضلالة، فمن وجد اختلافًا فعليه بالسواد الأعظم.

❌ قال: "مما لاخلاف فيه أن المولد أحدث بعد القرون الثلاثة المشهود لها من الرسول ﷺ بالخيرية"
الجواب:
⚪ ليس فيه حجة لأن المحدثات نوعان: محمودة، ومذمومة، قال الإمام الشافعي رضي الله عنه (توفي 204هـ): "المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتابًا أو سنة أو أثرًا أو إجماعًا فهذه البدعة الضلالة، والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة". رواه البيهقي في (مناقب الشافعي) (ج1/469)، وذكره الحافظ ابن حجر في (فتح الباري): (13/267). 
⚪ قال الشيخ شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي (ت 709 هـ) في كتابه "المطلع على أبواب المقنع" (ص334) من كتاب الطلاق: "والبدعة مما عُمل على غير مثال سابق، والبدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلالة، والبدعة منقسمة بانقسام أحكام التكليف الخمسة"اهـ.
⚪ جمهور العلماء على تقسيم البدعة إلى محمودة ومذمومة لم يشذ منهم إلا الشاطبي صاحب الإعتصام المتوفى سنة 790 هجرية ومن تبعه من المتأخرين. وما لا شك فيه أن المولد من أحسن الأمور المحمودة التي أثنى عليها أكابر العلماء.

❌ قال: "أورد محمد بن يوسف الصالحي من كتابه سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 1/ 439 عن ظهير الدين التزمنتي: (إن السلف في الصدر الأول لم يفعلوه مع تعظيمهم وحبهم للنبي ﷺ بل إعظامهم وحبهم لايبلغ حب جميعنا حب الواحد منهم)"
الجواب:
⚪ كان السلف يحتفلون بمولد النبي ﷺ بصيام يوم الأثنين من كل أسبوع، وهذا الذي يناسب زمانهم، حيث كان النبي ﷺ بين ظهرانيهم. فهل يقرأون سيرته وهو بينهم؟ هل يذكِّرون بعضهم بعظمته وهم كلهم في مجلسه وحضرته ويشاهدون عظمته عيانا بيانًا؟ لكن عندما طال العهد بالأمة وكثرت الغفلات وتشاغل الناس عن النبي ﷺ  برزت الحاجة إلى التذكير والتنبيه وإظهار المحبة والتعظيم. أنظر كيف شرح الذهبي الفرق بين زمانه (القرن الثامن الهجري) وزمان الصحابة رضوان الله عليهم والإختلاف بين الزمانين، يقول الذهبي في كتابة (معجم الشيوخ الكبير): 
"عن نافع عن ابن عمر: (أنه كان يكره مس قبر النبي ﷺ)
قلت: كره ذلك لأنه رآه إساءة أدب، وقد سئل أحمد بن حنبل عن مس القبر النبوي وتقبيله، فلم ير بذلك بأسًا، رواه عنه ولده عبد الله بن أحمد.
فإن قيل: فهلا فعل ذلك الصحابة؟ قيل: لأنهم عاينوه حيَّاً وتملوا به وقبَّلوا يده، وكادوا يقتتلون على وضوئه، واقتسموا شعره المطهر يوم الحج الأكبر، وكان إذا تنخم لا تكاد نخامته تقع إلا في يد رجل فيدلك بها وجهه، ونحن فلما لم يصح لنا مثل هذا النصيب الأوفر ترامينا على قبره بالالتزام والتبجيل والاستلام والتقبيل، ألا ترى كيف فعل ثابت البناني؟ كان يقبل يد أنس بن مالك ويضعها على وجهه ويقول: يد مست يد رسول الله ﷺ.
وهذه الأمور لا يحركها من المسلم إلا فرط حبه للنبي ﷺ، إذ هو مأمور بأن يحب الله ورسوله أشد من حبه لنفسه، وولده والناس أجمعين، ومن أمواله، ومن الجنة وحورها، بل خلق من المؤمنين يحبون أبا بكر، وعمر أكثر من حب أنفسهم." أهـ
فكيف بنا ونحن في القرن الخامس عشر؟
⚪ إن الداعي الأكبر للسنن الحسنة هو الحاجة، ألا ترى أنه مع تعظيم الصدر الأول للقرءان الكريم إلا أنهم لم يجمعوه بين دفتي المصحف إلا عندما كثر القتل في القراء؟ ولم ينقطوه إلا عندما كثر دخول الأعاجم في الإسلام؟ ولم يشكِّلوه إلا عندما خشي عليه من اللحن والخطأ في القراءة؟
⚪ إن الإحتفال بذكرى المولد اليوم أضحت واجبة، لكثرة إنشغال الناس عن رسول الله ﷺ، خاصة الشباب الذي صار يقتدي بالمطربين، ولعيبة الكرة، والمصارعين، ويجهلون أبسط المعلومات عن القائد الأعظم ﷺ.

❌ قال: "هل هو واجب؟ أين دليل وجوبه؟ هل هو سنة أم مستحب؟ أين دليل سنتيه اوأستحبابه"
الجواب:
⚪ إن محبة النبي ﷺ أكثر من النفس والولد والوالد والناس أجمعين واجبة بنص الكتاب والسنة، ولا يتأتى ذلك بل ولا يمكن بلوغ درجة أن نحبه أكثر من النفس إلا بمنتهى العناية به ﷺ والمبالغة في الإهتمام به. وبالنظر إلى واقعنا المعاش وطبيعة الحياة العصرية التي نحياها في ظل الغزو الثقافي والإنفتاح على كل الثقافات المعادية فإن المولد من هذا المنظور واجب عملًا بالقاعدة الأصولية: (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) على ما أصَّله علماء الإسلام، كالإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، والإمام الحافظ السيوطي، والأئمة والحفاظ الذي صنفوا كتبًا في المولد الشريف كالحافظ ابن دحية، والحافظ ابن الجوزي، والحافظ العراقي، والحافظ ابن كثير الدمشقي، والمحدث العلامة ابن حجر الهيتمي، والمحدث العلامة علي ملا القاري، والمحدث العلامة المناوي، وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم.
⚪ أما سنيته فيكفي ما رواه الإمام مسلم عن أنه لما سئل عن صيام يوم الأثنين قال ﷺ: "فيه ولدتُّ"، وما رواه الإمام البيهقي من طريق ثمامة، من أنه عق عن نفسه بعد الرسالة. فهذه أصول على سنية الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، زد عليها حديث عاشوراء في صحيح البخاري الذي استند عليه الحافظ ابن حجر العسقلاني في تأصيل عمل المولد.
⚪ أما استحبابه فلما فيه من الذكر، والذكرى، والصدقات، والإطعام، وغير ذلك من صنوف الخير والبر والمعروف. قال الإمام الحافظ أبو شامة المقدسي المتوفى سنة 665 هجرية في كتابه [الباعث على إنكار البدع والحوادث]: "وَمن أحسن مَا ابتدع فِي زَمَاننَا من هَذَا الْقَبِيل مَا كَانَ يفعل بِمَدِينَة اربل جبرها الله تَعَالَى كل عَام فِي الْيَوْم الْمُوَافق ليَوْم مولد النَّبِي ﷺ من الصَّدقَات وَالْمَعْرُوف واظهار الزِّينَة وَالسُّرُور، فان ذَلِك مَعَ مَا فِيهِ من الإحسان الى الْفُقَرَاء، مشْعر بمحبة النَّبِي ﷺ وتعظيمه وجلالته فِي قلب فَاعله، وشكرًا لله تَعَالَى على مَا من بِهِ من ايجاد رَسُوله الَّذِي أرْسلهُ رَحْمَة للْعَالمين ﷺ وعَلى جَمِيع الْمُرْسلين"

❌ قال: "ولا يكون المولد مباحاً لأنه لايفعل إلاعبادة وفيه إجتماع للعبادة وعليه فإن هذا المولد بدعة وليس بمطلوب شرعاً بل يؤمر بتركه"
الجواب:
⚪ تقدم بيان تقسيم البدعة إلى حسنة ومذمومة.
⚪ الأصل في الأشياء الإباحة، والمباح حلال، ومحرم الحلال كمحل الحرام كما قال النبي ﷺ.
⚪ كثير من المباحات إذا قصد بها وجه الله عز وجل تكون عبادات يثاب عليها المؤمن، قال ﷺ: (وفي بضع أحدكم صدقة)، لأن النية هي التي تجعل العادة عبادة.

❌ قال: "ثم ماليس بواجب ولامستحب ولاسنة إذا ظهرت معه مفاسد في الميادين ، وابتداع في الدين ، وأذكار غير شرعية ، وأقوال شركية ومدائح في تعظيم شيوخهم ، فالواجب تركه وإن كانت فيه مصلحه الطريقة والصفة الموجودة الأن من إجتماع النساء والرجال في مكان واحد مع الزحام الشديد والإختلاط المشين والتبرج المبين والإبتداع في الاذكار بالألحان والطبول والتمايل لاينبغي أن يختلف أثنان في أن هذا حرام لا يليق بنبيناﷺ."
الجواب:
⚪ "الإبتداع في الدين"، "والأذكار غير الشرعية"، "والأقوال الشركية"، "والمدائح في تعظيم الشيوخ" كلها أوهام في ذهن مؤلف الرسالة، فالبدعة عند الجمهور تنقسم إلى حسنة ومذمومة كما تقدم، والأذكار فيها المقيد وفيها المطلق، وليس هناك شرك في قول قائل إلا أن يكون قائله قاصدًا به صرف عبادة لغير الله، وصرف العبادة لغير الله يقتضي أن يعتقد القائل أن من قاله فيه هو إله يعبد، وهذا ليس له وجود على أرض الواقع بين المسلمين، لأن الإسلام هو شهادة أن لا إله إلا الله، محمد رسول الله، من يشهد أن الله واحد ويعتقد في وجود إله آخر يكون متناقضًا ومجنونًا، والمجنون معذور. وهو نظير قول صاحب الضالة القائل: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك"، أخطأ من شدة الفرح، لا يقال عنه كافر لأن ظاهر مقالته الكفر. أما مدح عباد الله الصالحين وتعظيمهم فهو من روح الشريعة، قال الإمام مسلم في مدح شيخه الإمام البخاري: (دعني أقبل رِجلك يا أستاذ الأساتيذ، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث وعلله) أي تعظيم بعد تقبيل الرِجل؟  
⚪ التبرج والإختلاط وغيرها من المحظورات لو وقعت في الاجتماع لصلاة الجمعة أو لصلاة العيدين لوجب إنكارها بدون أن يعني ذلك إبطال صلاة الجمعة أو صلاة العيدين.
⚪ قوله "الإبتداع في الاذكار بالألحان والطبول والتمايل لاينبغي أن يختلف أثنان في أن هذا حرام لا يليق بنبيناﷺ." فمؤلف الرسالة لا يميز بين أنواع البدعة، وربما يجهل أن الصحابة مدحوا بالأناشيد والأهازيج كما في قصة غزوة الخندق وغيرها، والحبشة رقصوا وزفنوا بين يدي النبي ﷺ، وكانوا يمدحونه يقولون: "محمد رجل صالح" رواه الإمام أحمد بسند صحيح، والرقص لا يكون إلا بإيقاع، والدف ضرب في بيت رسول الله ﷺ. فليس في ما تقدم حرام إنما هي أوهام.

❌ قال: "أقوال بعض علماء المالكية في عمل المولد وبدعيته" وذكر كلامًا للفاكهاني [توفي 734هـ]، وأبي عبد الله الخفار المالكي [توفي 511 هـ] نقله عنه الونشريسي [توفي 914هـ]، ابن الحاج المالكي [توفي 737هـ]، وابن عليش [توفي 1299هـ]
الجواب:
⚪ يمكن تلخيص كلامهم في محورين:
الأول: أن عمل المولد بدعة. وذلك مردود لما تقدم، فالبدعة عند جمهور أهل العلم تنقسم إلى محمودة ومذمومة، ومما لا شك فيه أن تعظيم النبي ﷺ وتذكير الناس بقدره العظيم وسيرته العطرة لمن أحسن الأمور المحمودة.
الثاني: أنه تكتنفه بعض المحظورات كالإختلاط. لو وقعت هذه المحظورات في الاجتماع لصلاة الجمعة أو لصلاة العيدين لوجب إنكارها بدون أن يعني ذلك إبطال صلاة الجمعة أو صلاة العيدين.
⚪ تعقب الإمام الحافظ السيوطي في [الحاوي في الفتاوي] كل من الفاكهاني وابن الحاج في كلامهما عن المولد وأبطله. فعلى سبيل المثال، قال الفاكهاني: "(لا أعلم لهذا المولد أصل في كتاب ولاسنة ولاينقل عمله)، فتعقبه الإمام السيوطي: (فيقال عليه نفي العلم لا يلزم منه نفي الوجود، وقد إستخرج له إمام الحُفاظ أبو الفضل بن حجر أصلاً من السنة وأستخرجت له أنا أصلاً ثانياً)، قال الفاكهاني: (إذا كان مجرد إجتماع الرجل بأهل بيته لا يقترفون شيئاً من الآثام هذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروه وشناعة.. إلخ) فتعقبه الإمام السيوطي: (هذا القسم مما أحُدث وليس فيه مخالفة لكتاب ولا سنة ولا أثر ولا إجماع فهي غير مذمومة كما في عبارة الشافعي، وهو من الإحسان الذي لم يُعهد في العصر الأول فان إطعام الطعام الخالي عن إقتراف الآثام إحسان فهو من البدع المندوبة كما في عبارة إبن عبد السلام.)، وغير ذلك، إرجع إلى [الحاوي في الفتاوي]
⚪ الإمام الصوفي الأشعري المالكي ابن الحاج لم ينكر عمل المولد بالجملة بل أثنى عليه، قال في [المدخل]: "فعلى هذا ينبغي إذا دخل هذا الشهر الكريم أن يكرم ويعظم ويحترم الاحترام اللائق به وذلك بالاتباع له ﷺ في كونه عليه الصلاة والسلام كان يخص الأوقات الفاضلة بزيادة فعل البر فيها وكثرة الخيرات... فتعظيم هذا الشهر الشريف إنما يكون بزيادة الأعمال الزاكيات فيه والصدقات إلى غير ذلك من القربات، فمن عجز عن ذلك فأقل أحواله أن يجتنب ما يحرم عليه ويكره له؛ تعظيمًا لهذا الشهر الشريف" أهـ
⚪ كانت لابن الحاج تحفظات على بعض المسائل في عمل المولد وأظهر في كلامه تناقضات تعقبه فيها الحافظ السيوطي: (وحاصل ما ذكره أنه لم يذم المولد بل ذم ما يحتوي عليه من المُحرمات والمُنكرات) ثم فند كلامه عبارة عبارة.
⚪ ما نقله الونشريسي عن أبي عبد الله الخفار لا يثبت لأن السند منقطع بل معضل. وحتى لو اتصل لما كان فيه حجة لما تقدم من أن الحاجة هي الداعي إلى السنن الحسنة، والحاجة تتغير حسب الزمان والمكان.
⚪ ابن عليش من المتأخرين جدًا كما يظهر من تاريخ وفاته، وكلامه لا يزن شيئًا أمام الأئمة والعلماء المعتبرين وجمهور أهل العلم الذين أجازوا عمل المولد، ثم إن كلامه لا يخرج عن فهمه الخاطئ للبدعة، وعن أن المحظورات التي تقدم أنها تنكر دون أن يقتضي ذلك إبطال عمل المولد.
⚪ الملاحظ من تواريخ الوفاة أن الذين أنكروا عمل المولد هم ممن عاشوا في القرن الثامن الهجري وما تلاه فتأثروا بآراء ابن تيمية الشاذة والمتحاملة على تعظيم الأمة للنبي ﷺ.
⚪ جمهور أهل العلم وأكابر العلماء الذين حضروا قيام احتفالات المولد في ذلك الوقت استحسنوه، وصنفوا فيه التصانيف البديعة.
⚪ ثبت عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله: (ما رآه المسلمون حسنًا فهو حسن)، وجمهور أهل القبلة يستحسنون المولد ويحتفلون بذكرى ميلاد النبي ﷺ، قال الإمام الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ في كتابه [بيان المولد النبوي]: "لا زال أهل الحرمين الشريفين ومصر واليمن والشام وسائر بلاد العرب من المشرق والمغرب يحتفلون بمجلس مولد النبي ﷺ، ويفرحون بقدوم هلال شهر ربيع الأول، ويهتمون إهتمامًا بليغًا على السماع والقراءة لمولد النبي ﷺ، وينالون بذالك أجرًا جزيلًا وفوزًا عظيمًا" أهـ
⚪ أجاز عمل المولد جمهور أهل العلم من الفقهاء والحفاظ والعلماء المعتبرين، أما الذين شذوا عليهم فغمورون لا يبلغون درجة المجيزين في سعة العلم، والجلالة. وممن أجاز الاحتفال بالمولد من أهل العلم الإمام الحافظ العلامة أبو شامة المقدسي شيخ الإمام الحافظ النووي، والإمام الحافظ  ابن حجر العسقلاني، الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي، وممن أجازه وألف فيه كتبًا تقرأ في احتفالات المولد:
▪ الإمام الحافظ ابن الجوزي [ت 597هـ]: له مولد باسم "العروس"، وقد طبع في مصر.
▪الإمام الحافظ أبو الخطاب عمر بن علي بن محمد المعروف بابن دحية الكلبي [ت 633هـ]: له مولد باسم "التنوير في مولد البشير النذير".
▪الإمام الحافظ أبو العباس العَزَفي [ت 633هـ]: له مولد باسم "الدر المنظم في مولد النبي المعظم".
▪الإمام الحافظ ابن كثير صاحب التفسير [ت 774هـ]: له مولد طبع بتحقيق صلاح الدين المنجد.
▪الإمام الحافظ عبد الرحيم العراقي [ت 808هـ]: له مولد باسم "المورد الهني في المولد السني".
▪إمام القراء الحافظ شمس الدين ابن الجزري [ت 833هـ]: له مولد باسم "عرف التعريف بالمولد الشريف".
▪الإمام الحافظ شمس الدين ابن ناصر الدين الدمشقي [ت 842هـ]: له مولد باسم "المورد الصاوي في مولد الهادي" وكذلك له "جامع الآثار في مولد المختار" و"اللفظ الرائق في مولد خير الخلائق".
▪الإمام الحافظ شمس الدين السخاوي [ت 902هـ]: له مولد باسم "الفخر العلوي في المولد النبوي".
▪الإمام الحافظ علي زين العابدين السمهودي [ت 911هـ]: له مولد اسمه "الموارد الهنية في مولد خير البرية".
▪الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي [ت 911هـ]: له مصنف باسم "حسن المقصد في عمل المولد".
▪الإمام الحافظ عبد الرحمن بن علي بن محمد الشيباني المعروف بابن الديبع [ت 944هـ].
▪الإمام المحدث الفقيه ابن حجر الهيتمي [ت 974هـ]: له مولد باسم "إتمام النعمة على العالم بمولد سيد ولد آدم".
▪الإمام المحدث الفقيه ملا علي قاري [ت 1014هـ]: له مولد باسم "المورد الروي في المولد النبوي".قالوا: حلوى المولد يحرم شراؤها وأكلها وكذلك طعام المولد.
▪الإمام المحدث المناوي [ت 1031هـ]: له مولد باسم مولد المناوي.

❌ قال: "الفرح بنبيناﷺ يكون بحبه وأتباعه وإحياء سنته ومجانبة الإبتداع إذا فهمنا من هذه الأيه أن الفرح بنبينا ﷺ هو الإحتفال بمولده فإنه يلزم من هذا الفهم أن الصحابة الكرام والقرون المفضلة لم يفرحوا به ، والصواب أن الصحابة والتابعين رحمهم الله فرحوا بنبينا ﷺ بالإسلام والقران ولم يقيموا مولداً ولم يخصوا يوم مولده الشريف ﷺ بشئ زائد. ولمزيد من الإيضاح نسأل سؤالا : هل وقف الصحابة الكرام رضي الله عنهم على هذه الأية وعملوا بها ؟ لاشك أنهم علموها وفهموها وعملوا بها فأين الإحتفال بالمولد عندهم رضي الله عنهم،  راجع الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي المجلد 3/71"
الجواب: 
⚪ في كتاب الله عز وجل العبرة تكون بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والقرءان صالح لكل زمان ومكان.
⚪ تقدم بيان معنى البدعة على مذهب جمهور أهل العلم.
⚪ وتقدم بيان أن السنن الحسنة إنما تكون وليدة الحاجة.
⚪ تقدم بيان أن الصحابة رضي الله عنهم فرحوا بهذه النعمة العظيمة وعبروا عن شكرهم لله بصيام يوم الأثنين من كل أسبوع، وهذا الذي يناسب ظرفهم وزمانهم إذ النبي ﷺ كان بينهم، أما في العصور اللاحقة فقد قل الإحساس بهذه النعمة نفسها فكيف يصومون شكرًا لنعمة ضعف الإحساس بها أو لا يحسون بها أصلًا؟!

❌ قال: "يقول النبي ﷺ : (.... وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ٍ ضلالة ) أخرجه أبوداود والترمذي عن العربض بن سارية (كل) من ألفاظ العموم وهي مسبوقة بالتحذير (إياكم ) فهذا يفيد أنه لاتوجد بدعة حسنة وأنها كلها ضلالة يجب تركها ثم الأصل أن كل بدعة ضلالة فأين القرينة المخصة الناقلة عن هذا الأصل لتكون بدعة مخصوصة مستثناة من العموم وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( كل بدعة ضلاله وإن رأها الناس حسنة ) ذكره ابن بطة في الإبانة عن شريعة الفرق الناجية 1/352 واللالكائي في شرح أصول أعتقاد أهل السنة 1/92"
الجواب:
⚪ تقدم بيان تقسيم جمهور أهل العلم البدعة إلى حسنة ومذمومة. 
⚪ قال أهل العلم: إن عبارة "كل" في الحديث "كل بدعة ضلالة" من العام المخصوص، قال الامام أبو سليمان الخطابي [توفي 388 هـ]رحمه الله تعالى في شرح سنن أبي داود "معالم السنن": "وقوله كل محدثة بدعة فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض، وكل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين وعلى غير عياره وقياسه. وأما ما كان منها مبنياً على قواعد الأصول ومردود إليها فليس ببدعة ولا ضلالة"
وهو مثل قوله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء) ومع ذلك لم تسع إبليس لعنه الله ولا الذين ماتوا وهم كفار، وقوله تعالى: (ملك يأخذ كل سفينة غصبًا) ولم يكن يأخذ إلا سفينة سليمة غير معابة وغير ذلك من الآيات، أما القرائن على هذا المعنى:
▪ كان الصحابة رضوان الله عليهم يفعلون أمورًا لم يفعلها النبي ﷺ، ومع ذلك لم يكن ينهاهم مالم يكن فيها إثم ومخالفة، بل كان يقرهم على ذلك ويستحسن فعلهم، ومن هنا جاءت السنة التقريرية، فلو كان كل محدث يعتبر بدعة ضلالة لكان الأولى أن ينهاهم ولا يقرهم فضلًا عن أن يستحسن فعلهم، ولكان الصحابة أول من أحدث في الدين، ولا يقول بهذا مسلم.
▪ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لبلال بن الحارث رضي الله عنه: "ومَن ابتدعَ بدعةً ضلالة" رواه الترمذي وحسنة، فالبدعة لا تذم بالإطلاق، بل يجب أن تكون ضلالة.
▪ قول سيدنا عمر رضي الله عنه والذي يجري الحق على لسانه وقلبه عن صلاة التراويح: "نعم البدعة"، وقوله سنة.
▪ قول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي سُبحة الضحى، وإني لأسبحها" رواه البخاري
▪ عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة الضحى فقال: "بدعة ونعمت البدعة" رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح
▪ عن سالم عن أبيه عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال: "لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها -يعنى صلاة الضحى- وما أحدث الناس شيئا أحبَّ إلى منها" رواه عبد الرزاق بسند صحيح
▪ قال الشعبي: سمعُت ابن عمر يقول: "ما ابتدع المسلمون أفضل صلاةِ من الضحى" زاد المعاد
▪ الإجتهاد في الدين يكون في مسألة ليس فيها نص، ولو كان كل شيء لم يعمل في الصدر الأول بدعة ضلالة لكان الإجتهاد هو عين البدعة الضلالة، لكن الثابت أن المجتهد مثاب، أخطأ أو أصاب.
⚪ عند إطلاق كلمة بدعة كان السلف يقصد بها البدعة الضلالة.  

❌ قال: "أما تربية الأبناء فالأولى تربيتهم على حب النبي ﷺ وأتباعه وتعليمهم سيرته العطره وذلك كل يوم كما إني مستغرب من هذا الكلام كأنه لا باب ولامجال لتعليم أبنائنا حب الرسول ﷺ إلابعمل المولد في العام مرة !!!ا ثم منذ متى والناس يقيمون المولد ؟ فهل لم يعلم الصحابة والتابعون لهم بإحسان أبناءهم حب رسول الله ﷺ؟ وهل الذين تعلموا حبه ﷺ تعلموه من المولد ؟"
الجواب:
⚪ مرة في العام خير من [لا مرة]، بل نحتاج إلى المزيد. اليوم تقام المؤتمرات الإسلامية، والأسابيع الدعوية، والمسابقات القرءانية وكل ذلك لإثراء النشاط الديني في الأمة، والمولد هو أحد أهم هذه النشاطات المهمة، نحتاج إلى نشاط أكثر لننتشل شبابانا الذين باتوا يقتدون بالمطربين، ولعيبة الكرة والمصارعين والممثلين الغربيين.
⚪ مقارنة عصر الصحابة والتابعين بعصرنا اليوم فيه مفارقة كبرى، فهل قدر النبي ﷺ اليوم كقدره آنذاك؟ كم نسبة المسلمين الذين يصومون يوم الأثنين اليوم مقارنة مع نسبة الصحابة والتابعين؟؟؟ الفرق كبير، والعمل المطلوب أكبر.

❌ قال: "الإستدلال بقصة أبي لهب الذي رؤي أنه يخفف عنه العذاب بعتقه لثويبة لما أخبرته بولادة النبي ﷺ: الجـــــــــواب :
أ‌- لأثر مرسل وضعيف مخالف لما عليه أهل السير أن أبا لهب أعتقها بعد أرضاعها للنبي ﷺ وليس يوم ولادته لأنها أرضعت النبي ﷺ وهي تحت أبي لهب. 
 ب‌-  ولو صح الخبر فلا حجة فيها لأنها رؤية منامية وتخالف ظاهر القرأن عن الكفار لقوله تعالى ( وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا ) الفرقان 23 راجع فتح الباري لإبن حجر العسقلاني 9/145. 
ت‌-  ثم من الذي رأى أبا لهب ؟ فالرائي مجهول والمرئي كافر !! فهل هذا حجة في شرعنا ؟؟"
الجواب:
⚪ المرسل حجة عند علماء معتبرين، وقد ذكر هنا للإستئناس والتعضيد لكن التأصيل المتين للمولد أقيم على أدلة صحيحة لا مرية فيها.
⚪ ذكر السهيلي أن الذي رأى أبا لهب هو العباس رضي الله عنه. [فتح الباري]
⚪ قال الإمام الحافظ البيهقي: "ما ورد من بطلان الخير للكفار فمعناه أنهم لا يكون لهم التخلص من النار ولا دخول الجنة ويجوز أن يخفف عنهم من العذاب الذي يستوجبونه على ما ارتكبوه من الجرائم سوى الكفر بما عملوه من الخيرات" [فتح الباري]

❌ قال عن حديث صيام النبي ﷺ ليوم الأثنين: "أ‌- الحديث صحيح وفيه أن رسولنا الكريم ﷺ كان يصوم كل يوم أثنين على مدار العام ولم يصم يوم الاثنين التي في ربيع الأول فقط ثم إذا أحتفل النبي ﷺ بمولده صوماً هل يجوز لنا الزيادة على ذلك أم نكتفي بصوم يوم الأثنين من كل أسبوع أتباعا وأقتداء به ﷺ؟ ب‌-  ثم شتان بين المولد المقام الأن على ( الأكل والشرب والحلوى والعطلة ) وبين صوم النبي ﷺ. ت‌-  وفي هذا الحديث دليل على أن المولد ليس (عيداً) والدليل عليه هذا الصيام إذ لايجوز صيام الأعياد ومادام النبي ﷺ صامه فقد أخرجه من كونه عيدا."
الجواب:
⚪ البدعة الحسنة هي التي لها أصل من الدين يدل عليها كما ذكر العلماء، وهذا الحديث أصل لمن يريد أن يحتفل بميلاد النبي ﷺ، لأن الحكمة التشريعية من فعل النبي ﷺ وعمره الشريف ما يقارب الستين -لأن صيام الفريضة شرع في المدينة في سورة البقرة، أي وعمره الشريف آنذاك ما فوق الأربع والخمسين- هي التنبيه لنعمة ميلاده، والغفلة عن هذه النعمة تستوجب التذكير، ومن يأبى التذكير فإما أحمق أو غير مؤمن لأن الذكرى تنفع المؤمنين.
⚪ الزيادة في الدين إذا كانت تندرج تحت أصل شرعي ليس فيها بأس، والأصول الشرعية منها ما هو خاص وما هو عام كقوله تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)، قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي سُبحة الضحى، وإني لأسبحها" [رواه البخاري]
⚪ تم التأصيل للمولد من حديث صيام يوم الأثنين وهو صريح، ومن حديث أنه ﷺ عق عن نفسه بعد الرسالة، ومن حديث صيام يوم عاشوراء.
⚪ الغاية التشريعية من صيام يوم الأثنين هي التنبيه إلى عظمة نعمة ميلاد النبي ﷺ بما يستوجب الشكر.
⚪ عق النبي ﷺ عن نفسه بعد النبوة وهو فوق الثلاث والخمسين سنة لتعزيز هذه الغاية التشريعية ولتشريع تعدد طرق الحفل بذكرى الميلاد.
⚪ ليس بمقدور الجميع الصيام (فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر)، لكن من حق الجميع الفرح برسول الله ﷺ.
⚪ يصوم المسلمون كل أسبوع فرحًا بميلاد النبي ﷺ، وأيضًا يستفيدون من حديث صيام يوم الأثنين في تأصيل الحفل بذكرى المولد النبوي الشريف كل سنة وكل حين.
⚪ الإحتفال هو وسيلة دعوية النية فيه تعظيم النبي ﷺ، والأصل فيه موجود، والطريقة تختلف باختلاف الزمان والمكان، وهو بهذه النية عمل صالح يثاب فاعله.
⚪ قوله عن أن في هذا الحديث دليل على أن المولد ليس (عيدًا) مردود عليه لأن النبي ﷺ صام عاشوراء وأمر بصيامه، والمسلمون اليوم يواظبون على صيامه كل سنة.

إنتبه ⛔:
محمد سيد حاج هذا قال عنه الشيخ ماهر بن ظافر القحطاني في تسجيل متداول: "أنه مبتدع، ولا يجوز الحضور عنده، ولا نشر علمه، ولا يجوز أن تروج أشرطته، يجب أن تعدم وتحرق" أهـ، وهذه شهادة تستوجب الإنتباه لأن الرجلين ينتميان إلى تيار متطرف واحد. وكثير من علماء الوهابية حذروا من محمد سيد حاج وبدعوه، ومثله لا ينظر إليه إلا موهوم أو جاهل.

♻ من كتم علمًا ألجمه الله بلجام من نار.. أنشر جزاك الله خيرًا، فالدال على الخير كفاعله ♻