السبت، 26 ديسمبر 2020

لماذا نسميهم وهابية بدلا عن الأوصاف الزائفة التي يدعونها كالسلفية أو الأثرية أو أنصار السنة.. إلخ؟

 الإجابة:

أولا لأن هذا هو الإسم الذي عرفوا به منذ نشأتهم كما ذكره الإمام الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين، وقد عاصر فتنتهم. قال الشيخ أحمد بن محمد الصاوي الذي عاصر الحركة الوهابية والمتوفى سنة 1241 هـ في تفسير قول الله تعالى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ} (فاطر الآية 6): «وقيل هذه الآية نزلت في الخوارج الذين يحرّفون تأويل الكتاب والسنة ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مُشَاهَدٌ الآن في نَظَائِرهم وهم فرقة بأرض الحجاز يقال لهم الوهابية يحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم» [الجزء الخامس من حاشية الصاوى على تفسير الجلالين، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان]. 

ثانيًا إنصافًا للسلف ولأصحاب الأثر وللسنة المشرفة، فالوهابية باستتارهم خلف هذه المسميات الطيبة يدنسونها ويشوهونها

ثالثًا لأن السلف الصالح هم أصحاب القرون الثلاث الأولى، والسلفي حقًّا هو من سار على نهجهم واقتفى أثرهم، والسلفيون الحقيقيون اليوم هم أتباع الأئمة الأربعة الأعلام، فقد عاش الأئمة الأربعة الأعلام كلهم في القرون الثلاث الأولى، وتلقتهم الأمة بالقبول، وشهدت لهم بالعلم والإمامة والجلالة. أما الوهابية فهم على أثر محمد بن عبد الوهاب الذي توفي سنة ١٢٠٦ هجرية، أي في القرن الثالث عشر الهجري، قبل نحو ٢٣٦ سنة من اليوم فما علاقتهم بقرون السلف الصالح؟!! زعم محمد بن عبد الوهاب أنه حنبلي مع جهله بالمذهب، ومخالفته في دعوته للإمام أحمد بن حنبل، وتكفيره لأهل زمانه من الحنابلة بمن فيهم العدد القليل من شيوخ قريته الذين درس عليهم أبجديات العلم الشرعي، وأسس دعوته كأنه نبي معصوم هبط عليه جبريل بالوحي، فهو مُنبتَّ، وجاهل بالعلم الشرعي لأنه لا يعرف له أشياخ ثقات سمع منهم التصانيف الشرعية أو أخذ عنهم العلم الشرعي، وقد رد عليه أهل زمانه من العلماء من كل المذاهب وأثبتوا جهله بمن فيهم شيوخ زمانه من الحنابلة.

رابعًا حتى يعرف الناس حقيقة تسميتهم، وتاريخ نشأنهم التي تزامنت من جهود بريطانيا آنذاك لتمزيق دولة الخلافة الإسلامية في تركيا وخلق الفتن والقلاقل والثورات في الجزيرة العربية للإنقلاب على دولة الخلافة والسيطرة على ثروات المسلمين في ما كان يعرف بالوطن العربي. 


لماذا صيد الوهابية الثمين أغلبه من البسطاء والسذج وذوي العقد النفسية؟

السبب بسيط جدًا وهو: استغلال الجهل والبراءة وحسن الظن، واستغلال الطمع في الحصول على مكانة اجتماعية مرموقة.

نحن نطيع الطبيب في توجيهاته لأنه متخصص ونحن عوام، ونلبي طلبات المهندس المقاول لأن هذا مجاله، ونحترم المعلم، والبناء، والنجار، والسباك،.. إلخ كل في تخصصه، الأمر كذلك بالنسبة للدين والعلوم الشرعية. 

طبعًا الأصل أن الشخص العامي غير المتخصص في الدين لا يسعه الا تقليد العلماء الثقات، وفي تعريف الشخص العامي يدخل الأمي الذي لا يحسن القراءة ولا الكتابة، والشخص الذي ترك المدرسة إما لبلادة أو لظروف قاهرة، والشخص الذي يعاني من تخلف ذهني أو مرض نفسي، والموظف أو العامل أو التاجر الذي يخرج الصباح ويعود المساء، وغير ذلك من صنوف الناس الذين لا تسمح لهم قدراتهم الذهنية ولا ظروفهم بالتخصص في العلم الشرعي، فهؤلاء لا يسعهم إلا تقليد العلماء الثقات المأمونون، طبعًا هناك علماء لهم غرض دنيوي ويتقاضون أجورًا من الداخل والخارج لنشر فكر ديني دخيل يجب ألا نقلدهم. 


العلم الشرعي تخصص دقيق يحتاج إلى معرفة بالقرآن الكريم وعلومه من تجويد وقراءات وأسباب نزول وتفسير وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وإعراب،.. إلخ، ومعرفة بالسنة المطهرة وعلومها كمصطلح الحديث والجرح والتعديل والشروح.. إلخ، ومعرفة بالنحو والصرف والبلاغة وعلوم اللغة، ومعرفة بالفقه وأصوله ومذاهبه، وبالمنطق والاستدلال والاستنباط وغيرها من أبواب العلم الشرعي التي يعرفها المتخصصون ويجهلها العوام.

ما يحدث من فوضى دينية اليوم سببه أن الوهابية في دعوتهم سواء أكانت في الأسواق أو في الداخليات، أو الراديو والتلفزيون أو في اليوتيوب ووسائل التواصل الإجتماعي الأخرى  يستغلون جهل العوام بالدين ويستغلون حسن ظنهم بكل من يقف ويتكلم عن: «قال الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فيقحمون العامي غير المؤهل والجاهل بالعلم الشرعي في مسائل علمية بحتة تحتاج إلى متخصص، يقحمونه مثلًا في طلب الدليل، وترجيح الدليل، وتفسير الآيات، وشرح الأحاديث، وتقرير الأحكام الشرعية والفتاوى، والرد على الخصوم وتفسير كلامهم والتنفير منهم،.. إلخ.. فمع جهل العامي بالعلم الشرعي وحسن ظنه بالداعية لابد أن يستسلم ويقتنع، وهذه خيانة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم. 

مثل هذه النقاشات يجب أن تكون مع الأقران من العلماء المتخصصين، وإن كان لابد فمناظرات علمية حقيقة جمهورها علماء وطلبة علم وليس عوامًا ورجرجة ودهماءً. وللمناظرة الشرعية شروطًا وآدابًا أهمها إخلاص النية، والإستعداد للرجوع للحق متى ما تبين، وأن تكون هناك لجنة تحكيم من العلماء محايدة تنصف كل طرف وتلزمه بحجة الطرف الآخر. أما ما نشاهده اليوم من مناظرات فعبارة عن هرجلة ومهاترات تفتقر إلى أبسط المقومات، والهم الأول فيها الانتصار هو على الخصم ولو بالباطل والكذب ونشر ذلك على اليوتيوب.