في البداية إن مهمل صلاته والمتهاون فيها والمتكاسل ما كان ينبغي بالأساس أن يسمى (تاركًا للصلاة) إلا اصطلاحًا، لأن عبارة (تَرَك فلان الشيء) تعني انصرف عنه أو صرف النظر عنه، وبمعنى خلاه أو تخلى عنه، وبمعنى فارقه، ومنه تركة الميت أي ميراثه الذي فارقه وخلاه إلى غير رجعة كما قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ)، أي فارقه إلى غير رجعة، وهذا المعنى كثير في القرءان الكريم كما في قوله تعالى: (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)، وقوله تعالى: (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا)، وقوله تعالى: (وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ)، وقوله تعالى: (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ)، وغيره كثير. فالترك من معانيه الظاهرة المفارقة إلى غير رجعة، والراوي المتروك مثلًا لا يُرجع إلى الرواية عنه مطلقًا، ولذا فالترك لا يصف حال المهمل صلاته، الذي يضيعها بالتكاسل والتهاون، فيصلي حينًا ويتكاسل عنها حينًا، لكن الترك يناسب من يهجرها جحودا وردة كالملاحدة أعاذنا الله تعالى. لذلك فقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن تركها) فمحمول على من فارقها إلى غير رجعة جحودا وإنكارًا، وهذا الذي يتسق مع النصوص الشرعية الأخرى ذات العلاقة.
🌺🌷🌷🌷🌺
وهذا التفصيل الشرعي مهم لمعرفة حال تارك الصلاة تمهيدًا لنصحه، فالدعوة إلى الله مشروطة بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى:
(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [سورة النحل: 125]
🍃🌸🌸🌸🍃
إن التهاون في الصلاة إثم عظيم وكبيرة من الكبائر، فالصلاة هي الركن الأول بعد الشهادتين، وهي عماد هذا الدين، وهي من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأعظمها، وأوثق صلة فعلية بالله في اليوم والليلة، والتهاون فيها إثم عظيم ومغضبة لله تبارك وتعالى كما قال في كتابه الحكيم:
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [سورة مريم: 59]
ولحكم تاركها وجهان:
١/ جحودًا وإنكارًا فهذا كافر مرتد باتفاق العلماء، ويلحق بذلك الحكم من تركها في الصدر الأول والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم، والصحابة والخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم متوافرون، وذلك لأن العصر النبوي والقرن الأول الهجري هو أفضل عصور الإسلام، فالدين في أشده والدعوة في أوجها، فمن تهاون في الصلاة في ذلك العصر فهو بلا شك منافق كافر. ولا يخفى أن تاركها في الصدر الأول ليس كالمتهاون فيها اليوم بعد 1400 عامًا، وقد ضعف بريق الرسالة، وقل الإلتزام، وتراجعت التربية الإسلامية.
٢/تهاونا، وتكاسلا وجهلًا فمذهب الجمهور أنه لا يكفر، وهذا مذهب الشافعية والحنفية ومالك، ورواية عن الإمام أحمد، وذكر الإمام النووي في المجموع أنه مذهب الأكثرين من السلف والخلف، أنه لا يكفر بترك الصلاة تهاونًا.
واستدلوا على ذلك بأدلة قوية:
▪الدليل الأول: حديث (إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) فعن عبادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خمس صلوات افترضهن الله على العباد، من أداهن وصلاهن بركوعهن وخشوعهن ووضوئهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يفعله لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له )، والحديث رواه أصحاب السنن، وقال النووي في المجموع: رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، فهو حديث صحيح، وفيه قوله: (ومن لم يفعل لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له)، والكافر لا يغفر الله له.
▪الدليل الثاني: عموم أحاديث الرجاء كقوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة)، ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة)، فلم يشترط لدخول الجنة شيئًا آخر غير الشهادتين، فقالوا: إنه لم يشترط لذلك الصلاة ولا غيرها، فدل على أن تارك الصلاة تهاونًا لا يكفر وأنه استحق دخول الجنة بالشهادتين.
▪الدليل الثالث: نجاة قائلي (لا إله إلا الله) مع عدم علمهم بالصلاة، فقد روى ابن ماجة وغيره عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، ويبقى الشيخ والعجوز يقولون: لا إله إلا الله، أدركنا آباءنا يقولونها فنحن نقولها. فقال صلة بن زفر -أحد رواة الحديث- لـحذيفة: يا حذيفة! ما تنفعهم: لا إله إلا الله؟! فسكت، فأعادها عليه ثلاثًا فقال حذيفة رضي الله عنه: يا صلة! تنجيهم من النار)، والحديث رواه ابن ماجة، وقال الحافظ البوصيري: "إسناده صحيح رجاله ثقات"، وقوى إسناده الحافظ ابن حجر، فهو سند صحيح، وفيه قول حذيفة رضي الله عنه: (تنجيهم من النار)، يعني مع أنهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك، فدل هذا على أن تارك الصلاة جاهلًا أو متهاونًاولا يكون بذلك كافرًا.
▪الدليل الرابع: حملوا ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وما شابهه من نصوص على الجحود والإنكار والنفاق لمعارضتها النصوص الثابتة أعلاه، ولأن الترك يعني المفارقة إلى غير رجعة وهذا لا يكون حال المتهاون أو الجاهل.
🌺🌷🌷🌷🌺
وهذا التفصيل الشرعي مهم لمعرفة حال تارك الصلاة تمهيدًا لنصحه، فالدعوة إلى الله مشروطة بالحكمة والموعظة الحسنة كما قال تعالى:
(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [سورة النحل: 125]
🍃🌸🌸🌸🍃
إن التهاون في الصلاة إثم عظيم وكبيرة من الكبائر، فالصلاة هي الركن الأول بعد الشهادتين، وهي عماد هذا الدين، وهي من أحب الأعمال إلى الله تعالى وأعظمها، وأوثق صلة فعلية بالله في اليوم والليلة، والتهاون فيها إثم عظيم ومغضبة لله تبارك وتعالى كما قال في كتابه الحكيم:
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [سورة مريم: 59]
ولحكم تاركها وجهان:
١/ جحودًا وإنكارًا فهذا كافر مرتد باتفاق العلماء، ويلحق بذلك الحكم من تركها في الصدر الأول والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم، والصحابة والخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم متوافرون، وذلك لأن العصر النبوي والقرن الأول الهجري هو أفضل عصور الإسلام، فالدين في أشده والدعوة في أوجها، فمن تهاون في الصلاة في ذلك العصر فهو بلا شك منافق كافر. ولا يخفى أن تاركها في الصدر الأول ليس كالمتهاون فيها اليوم بعد 1400 عامًا، وقد ضعف بريق الرسالة، وقل الإلتزام، وتراجعت التربية الإسلامية.
٢/تهاونا، وتكاسلا وجهلًا فمذهب الجمهور أنه لا يكفر، وهذا مذهب الشافعية والحنفية ومالك، ورواية عن الإمام أحمد، وذكر الإمام النووي في المجموع أنه مذهب الأكثرين من السلف والخلف، أنه لا يكفر بترك الصلاة تهاونًا.
واستدلوا على ذلك بأدلة قوية:
▪الدليل الأول: حديث (إن شاء عذبه وإن شاء غفر له) فعن عبادة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خمس صلوات افترضهن الله على العباد، من أداهن وصلاهن بركوعهن وخشوعهن ووضوئهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يفعله لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له )، والحديث رواه أصحاب السنن، وقال النووي في المجموع: رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، فهو حديث صحيح، وفيه قوله: (ومن لم يفعل لم يكن له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له)، والكافر لا يغفر الله له.
▪الدليل الثاني: عموم أحاديث الرجاء كقوله صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه دخل الجنة)، ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه: (من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة)، فلم يشترط لدخول الجنة شيئًا آخر غير الشهادتين، فقالوا: إنه لم يشترط لذلك الصلاة ولا غيرها، فدل على أن تارك الصلاة تهاونًا لا يكفر وأنه استحق دخول الجنة بالشهادتين.
▪الدليل الثالث: نجاة قائلي (لا إله إلا الله) مع عدم علمهم بالصلاة، فقد روى ابن ماجة وغيره عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يدرى ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، ويبقى الشيخ والعجوز يقولون: لا إله إلا الله، أدركنا آباءنا يقولونها فنحن نقولها. فقال صلة بن زفر -أحد رواة الحديث- لـحذيفة: يا حذيفة! ما تنفعهم: لا إله إلا الله؟! فسكت، فأعادها عليه ثلاثًا فقال حذيفة رضي الله عنه: يا صلة! تنجيهم من النار)، والحديث رواه ابن ماجة، وقال الحافظ البوصيري: "إسناده صحيح رجاله ثقات"، وقوى إسناده الحافظ ابن حجر، فهو سند صحيح، وفيه قول حذيفة رضي الله عنه: (تنجيهم من النار)، يعني مع أنهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا نسك، فدل هذا على أن تارك الصلاة جاهلًا أو متهاونًاولا يكون بذلك كافرًا.
▪الدليل الرابع: حملوا ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وما شابهه من نصوص على الجحود والإنكار والنفاق لمعارضتها النصوص الثابتة أعلاه، ولأن الترك يعني المفارقة إلى غير رجعة وهذا لا يكون حال المتهاون أو الجاهل.