لكل من تكلم في مشروعية المولد هل أنت عالم متخصص في الدين لتفتي على حكم مشروعية المولد؟ أم أنت في درجة الأئمة والعلماء المعتبرين ودور الفتوى التي أفتت بجوازه؟
إعلم هداك الله أن الكلام في الدين بدون علم كبيرة من الكبائر، قال تعالى: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون}، وقال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}، وقال تعالى: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير}
الفتوى هي توقيع عن رب العالمين كما قال ابن القيم رحمه الله: المفتي موقّع عن رب العالمين. فكيف يُعقل لمن لم يتأهل أن يوقّع عن الله وهو لا يعرف أصول الحكم الشرعي؟ العالم وحده يتحمل مسؤولية الفتوى إذا أخطأ، فعلى العامي عدم التدخل فيما لا يحسن من علم شرعي حتى لا يحرم ما أحل الله ويحرم ما أحل الله بغير علم.
يجب احترام التخصص في العلوم الشرعية:
العلماء يتكلمون عن قواعد وأصول لا يدركها العوام، فالعالم عندما يفتي أو يقرر مسألة دينية فإنه لا يعتمد على رأي مجرد، بل على:
▪️نصوص من القرآن والسنة.
▪️معرفة التفسير وأسباب النزول
▪️معرفة علوم الحديث والجرح والتعديل والعلل
▪️معرفة اللغة العربية وأصولها وإعراب القرآن الكريم.
▪️معرفة الناسخ والمنسوخ.
▪️معرفة المطلق والمقيد
▪️معرفة قواعد أصول الفقه.
▪️معرفة مقاصد الشريعة.
وغيرها من العلوم المنخصصة
والعوام يجهلون بطبيعة الحال هذه العلوم ، فكيف يعترضون على الأئمة والعلماء المعتبرين؟
يجب احترام التخصص الشرعي، فكما لا يحق لغير الطبيب أن يُجري عملية جراحية، ولا لغير المهندس أن يضع مخطط بناء، فكذلك الدين علم له أدواته وقواعده (اللغة، أصول الفقه، الحديث، التفسير… إلخ). فالعوام لا يملكون هذه الأدوات، فيكون دخولهم في تفاصيل الأدلة واستنباط الأحكام عبثًا وخوضًا في غير تخصصهم.
لا لتطاول العوام على العلماء:
العامي غير المتخصص في العلوم الشرعية غير مكلف بالنظر في الأدلة الشرعية، بل غير مؤهل للنظر فيها ومناقشتها. والطامة الكبرى وقمة العبث والفوضى العلمية هي مطالبته للغير بالدليل وهو غير مؤهل للنظر في الأدلة. لذا لا يسعه إلا إلى الرجوع للعلماء الثقاة أهل الذكر ولا يجتهد بنفسه بغير علم، قال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾، وقال تعالى: {وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰۤ أُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِینَ یَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَیۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنَ إِلَّا قَلِیلࣰا}، والرد إلى الله ورسوله لا يقدر عليه إلا العلماء الراسخون. واجبهم سؤال العلماء الثقاة الموافقين لجمهور أهل العلم الذين تلقتهم الأمة بالقبول لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة. وبراءتهم أمام الله تكون باتباع من أفتى لهم من العلماء المعتبرين أو الجهات الرسمية،
جاء رجل إلى الإمام الشافعي يناقشه في مسألة، فقال له الشافعي: «أأنت من أصحاب الحديث؟»
قال: لا.
قال: «أفأنت من أصحاب الفقه؟»
قال: لا.
فقال الشافعي: «إذن: أنا أتكلم معك في علم لا تحسنه، فإياك أن تعترض عليّ».
وقال الإمام الشعبي [ت 103هـ] : «إنما هلكتم حين تركتم أخذ العلم عن أهله، وأخذتموه عن صغاركم» [رواه أبو نعيم في الحلية].