إن حب الله تعالى هو أعظم هبة يجود بها الله تبارك وتعالى على عبده، لأنه يقوم عليه كمال العبودية لله عز وجل ومنتهى الصدق والإخلاص وتمام الرضا عنه سبحانه القائل في كتابه العزيز:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)
[سورة البقرة: 165]
💕💕💕
ومن أحب شيئًا مدحه ولهج بذكره واشتاق للقائه، فإذا كملت المحبة لم يغفل عنه، ورغب عن كل شئ لأجله، وضحى بنفسه فداء له ولم يطِب له عيش إلا في معيته.
وبطبيعة الحال، لن نحب شيئا كما ينبغي ما لم نعرفه، فالجهل عدو الحب الكامل. لذلك لن نحب الله كما ينبغي إلا بالعلم والمعرفة به سبحانه، فكلما ازداد المسلم معرفة بالله ازداد حبًّا له جل ثناؤه.
ومن أحب الله تبارك وتعالى ظهرت عليه ثمار المحبة فيحبه الله تعالى، ومن أحبه الله تعالى أكرمه وبجَّله وأغدق عليه من كل عطاء ولم يحرمه نوالًا.
ومن ثمار هذه المحبة دوام الذكر وكمال الطاعة وسلوك السبيل الذي يقرب ويوصل إلى الله تعالى مهما كانت وعورته والمشقة المترتبة عليه. فينتج عن ثمار التوفيق في العبادة أن يحب الله تعالى عبده ويجعله من أوليائه ويخصه بعطائه سبحانه، لذلك جاء في القرءان العظيم إشارات إلى أنه سبحانه يحب المتقين، والصابرين، والمحسنين، والمتوكلين، والتوابين والمتطهرين.
وجاء في الحديث القدسي:
(ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، بصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه). أخرجه البخاري
💕💕💕
ومحبة الخلق لله عز وجل تكون على مراتب ودرجات، حسب التقوى والمعرفة بالله، أعلاها محبة النبي ﷺ لله تعالى، فهو أعرف الخلق بالله وأتقاهم له وأشدهم حبًا له، لذلك عندما سألته السيدة عائشة رضوان الله عليها عن قيامه ﷺ من الليل حتى تتورم قدماه وقد غفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أجابها عن منتهى المحبة والذوق: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟!
💕💕💕
ومحبة الله تعالى لخلقه تكون على مراتب ودرجات، حسب تقواهم ومعرفتهم بالله، أعلاها محبة الله تعالى لحبيبه المصطفى
ﷺ،.أعرف الخلق بالله وأتقاهم له، وهو تمام قوله تعالى:
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات: 13]
وعن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ما خلق الله وما برأ وما
ذرأ نفسًا أكرم عليه من سيدنا محمد ﷺ، وما أقسم الله بعمر أحد غيره: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون).
💕💕💕
وقد أمر الله تعالى بمحبة حبيبه المصطفى أكثر من أي شئ حتى النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وقرنها بمحبته سبحانه فقال جل ثناؤه:
(قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
[سورة التوبة: 24]
وقال النبي ﷺ:
(ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)، أول هذه الثلاثة:
(أن يكون الله ورسوله أحب إليه من سواهما) متفق عليه.
فقرن حب الحق سبحانه مع حبه هو ﷺ، ذلك لأن حب رسول الله ﷺ هو من حب الله تعالي..
لماذا كان حب النبي ﷺ هو من حب اللهم تعالى؟
▪لأنه رسول الله..
▪ولأن الله أمر بحبه..
▪ولأننا ما أحببناه إلا لله وامتثالًا لأمر الله..
▪ولأن الله تبارك اسمه قد حاز له من الجمال والكمال ما يجعل قلوب المؤمنين تطير إليه ﷺ على أجنحة الحب الشديد.
💕💕💕
ومحبته ﷺ شرط للإيمان بالله تعالى، فلا إيمان لمن لا يحب رسول الله ﷺ، ولن يقبل الله قادمًا إليه إلا من باب حبيبه المصطفى ﷺ، مهما زعم من محبته لله وصلته به والإخلاص له، فقد قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة آل عمران: 31]
وقال تعالى:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)
[سورة اﻷنبياء؛ 107]
فمن حُرم محبته ﷺ حُرم من رحمة لله للعالمين
💕💕💕
والمحبة شعور قلبي يخالج الوجدان ويولد الشوق والهيمان. كمحبة سيدنا ثوبان رضي الله عنه التي جعلت جسمه ينتحل ولونه يصفر لفراق النبي ﷺ وكاد ان يموت من الشوق الشديد والوحشة لفراق حبيبه ﷺ لولا أن تداركته عناية الله فأنزل فيه قرءان يتلى.
وتحصل المحبة بزيادة المعرفة بقدر النبي ﷺ وعظمته، فمن لم يعرف قدر صاحب الشفاعة العظمى، يوم (وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسًا)، حين ينشغل الكل بنفسه فيقول: نفسي.. نفسي إلا هو ﷺ يقول: أمتي.. أمتي..
▫صاحب لواء الحمد..
▫صاحب المقام المحمود..
▫إمام المتقين.. وإمام الأنبياء والمرسلين..
▫الذي يصلي عليه الحق سبحانه ملائكته..
▫الذي رآى ربه يوم عرج به إلى الحضرة العرشية في الإسراء والمعراج..
▫الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم..
▫الذي هو أولى بنا من أنفسنا..
▫خير خلق الله أجمعين..
من لم يعرف له قدره العظيم لم يحبه كما ينبغي، لأنه يجهل الكثير عن جماله وجلاله، وخصائصه الفريدة، وأوصافه الباهرة وشمائله النادرة، وسنته الشريفة، وما خصه به ربه من فضل ومكانة، وحب الصحابة رضوان الله عليهم الشديد له.
💕💕💕
وقد جعل النبي ﷺ الشوق إلى رؤيته للذين جاءوا بعده ولم يروه علامة على شدة محبته ﷺ، فقال فيما يرويه الإمام مسلم في صحيحه: (إن من أشد أمتي لي حبًّا، ناس يكونون بعدي، يود أحدهم أن لو رآني بأهله وماله).
فالمحبة هي كلمة السر للنجاة من كل كرب والفوز العظيم بمعية من لا تستحق أن تكون معهم إلا بحبك لهم، فقد روى البخاري ومسلم في الصحيح أن أعرابيًا سأل النبي ﷺ عن الساعة، فقال له النبي ﷺ: ماذا أعددت لها؟
فقال: لا شيء، إلا أني أحب الله وسوله.
فقال له النبي ﷺ: أنت مع من أحببت.
فقال سيدنا أنس رضي الله عنه راوي الحديث:
(فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مع من أحببت"، فأنا أحب النبي ﷺ وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم)
🌷🌷🌷🌷🌷
ولأن يعمر الله قلبك بحبه جل ثناؤه، وحب حبيبه ﷺ، لهو أوسع باب لطاعة الله تعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه واتباع سنة رسوله الخاتم ﷺ، والفوز والفلاح والنجاح.
اللهم ارزقنا محبتك.. ومحبة حبيبك ﷺ.. ومحبة عبادك الصالحين.. ومحبة كل شئ يقرب إلى حبك إنك سميع مجيب.
💚💕💕💕💚