.القرآن الكريم نزل بعدة قراءات، المتواتر منها عشر. القراءة الأشهر هي حفص عن عاصم، وبها مكتوبة معظم المصاحف المتوفرة في السودان ودول الخليج وبعض الدول العربية، وهي التي كثيراً ما نسمعها في الراديو والتلفاز وفي المناسبات المختلفة. الروايات أو القراءات الأخرى المتواترة مشهور منها الدوري عن إبي عمر، وورش عن نافع، وقالون عن نافع، وهي مشهورة في غرب السودان، وشماله (ورش) ودول المغرب العربي (ورش وقالون)، لكن القراءات الست الباقية لا تكاد تكون مشهورة ولا معروفة للكثيرين من غير طلبة العلم المتخصصين في القرآن الكريم وعلومه.
لكنني أرى أن ضعف معرفة الناس أو قل كثير من الناس بهذه القراءات أمر غير جيد، وذلك لما في ذلك من حرمان من معاني ومعارف انطوت عليها هذه القراءات المختلفة. القراءات تختلف في كلمات، وفي طريقة التلاوة، لكنها في المجمل طبعاً تتفق في المعنى العام، لكن اختلافها في الكلمات أو العبارات يزيد المعنى ثراءاً وأوجها، تمنيت لو أن المفسرون يخرجون من دائرة التفسير حسب الرواية الشائعة إلى التفسير بالنظر إلى كل الروايات المتواترة لنفس الآية أو السورة، وذلك من أجل تحرير الكثير من المعاني. لاحظت أن التفسير في حد ذاته تطور في ما مضى من سنين، فقامت مدارس التفسير الموضوعي والتي ترتكز إلى أن السور لها مواضيع عامة تناقشها، وإلا لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كتاب الوحي أن يجمعوا الآيات التي كانت تنزل متفرقة في سور، فالوحدة الموضوعية كانت مرتكزهم إلى فهم المعاني وفق نظرة متكاملة.
منذ فترة ربما زهاء السنتين توفر إذاعة القرآن الكريم تلاوة على مدار الأربع وعشرين ساعة برواية الدوري عن أبي عمر، وهي إضافة جيدة أراها، للثقافة الإسلامية، ولأول مرة ألاحظ الاختلافات بين هذه القراءة وبين حفص. من هذا البث المتواصل تعلمت أموراً جيدة كثيرة وإن كانت بسيطة بوصفي غير متخصص في العلوم الشرعية. تعلمت منها مثلاً أن لغتنا العامية فيها كثير من الفصاحة، فكلمة مُتُّ بضم الميم صحيحة، وفي حفص مِتُّ بكسرها، والضمير المعطوف هو أو هي كما ننطقه وَهْو أو وَهْي بتسكين الهاء فصيح، وأن الضُعْف بضم الضاد فصيحة أيضاً، وفي حفص الضَعف بفتحها، حتى أن ياجوج وماجوج في الدوري هي ككلامنا، وفي حفص يأجوج ومأجوج بالهمز، هذا فضلاً عن إدغام الدال في السين أو الشين يشبه كلامنا مثل "قد سَّمع" بخلاف "قدْ سّمع" في حفص حيث تقلقل الدال.
أما اختلاف الكلمات أو العبارات ففي مواضع كثيرة يمكن أن يثري المعنى "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ .. " الآية، وفي الدوري "وكأي مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ" قُتِل مبنية للمجهول، الذي خلقك فسواك فعدلك، وفي الدوري فعدَّلك بتشديد الدال، وهكذا.
إنني لا أزال أومن (بدون همز كما في رواية ورش) بأن المفسرين المعاصرين يمكن أن يستنبطوا معاني متجددة بالنظر في القراءات، وكذلك المتدبرون والمتأملون من المثقفين المسلمين الذين يودون الاستزادة من العلم، وفي الإنترنت توفرت الآن مواقع كثيرة تبسط هذا العلم للناس منها هذا الموقع http://www.nabulsi.com/kiraat/kiraat.php وغيره.
حلقة الشريعة والحياة هذا الأسبوع كانت مع الدكتور أحمد حسن فرحات الضليع في التفسير وعلوم القرآن، تطرق لموضوع المحكم والمتشابه، وتناول بعض القضايا التي تثير ربكة عند بعض الناس، كقضايا الإعراب، وظاهر تعارض المعاني، أجلاها باقتدار، وودت لو أنه اصطحب القراءات في تأملاته التفسيرية المقنعة
منذ فترة ربما زهاء السنتين توفر إذاعة القرآن الكريم تلاوة على مدار الأربع وعشرين ساعة برواية الدوري عن أبي عمر، وهي إضافة جيدة أراها، للثقافة الإسلامية، ولأول مرة ألاحظ الاختلافات بين هذه القراءة وبين حفص. من هذا البث المتواصل تعلمت أموراً جيدة كثيرة وإن كانت بسيطة بوصفي غير متخصص في العلوم الشرعية. تعلمت منها مثلاً أن لغتنا العامية فيها كثير من الفصاحة، فكلمة مُتُّ بضم الميم صحيحة، وفي حفص مِتُّ بكسرها، والضمير المعطوف هو أو هي كما ننطقه وَهْو أو وَهْي بتسكين الهاء فصيح، وأن الضُعْف بضم الضاد فصيحة أيضاً، وفي حفص الضَعف بفتحها، حتى أن ياجوج وماجوج في الدوري هي ككلامنا، وفي حفص يأجوج ومأجوج بالهمز، هذا فضلاً عن إدغام الدال في السين أو الشين يشبه كلامنا مثل "قد سَّمع" بخلاف "قدْ سّمع" في حفص حيث تقلقل الدال.
أما اختلاف الكلمات أو العبارات ففي مواضع كثيرة يمكن أن يثري المعنى "وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ .. " الآية، وفي الدوري "وكأي مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ" قُتِل مبنية للمجهول، الذي خلقك فسواك فعدلك، وفي الدوري فعدَّلك بتشديد الدال، وهكذا.
إنني لا أزال أومن (بدون همز كما في رواية ورش) بأن المفسرين المعاصرين يمكن أن يستنبطوا معاني متجددة بالنظر في القراءات، وكذلك المتدبرون والمتأملون من المثقفين المسلمين الذين يودون الاستزادة من العلم، وفي الإنترنت توفرت الآن مواقع كثيرة تبسط هذا العلم للناس منها هذا الموقع http://www.nabulsi.com/kiraat/kiraat.php وغيره.
حلقة الشريعة والحياة هذا الأسبوع كانت مع الدكتور أحمد حسن فرحات الضليع في التفسير وعلوم القرآن، تطرق لموضوع المحكم والمتشابه، وتناول بعض القضايا التي تثير ربكة عند بعض الناس، كقضايا الإعراب، وظاهر تعارض المعاني، أجلاها باقتدار، وودت لو أنه اصطحب القراءات في تأملاته التفسيرية المقنعة