الخميس، 25 مارس 2021

ليلة النصف من شعبان


ليلة النصف من شعبان ليلة مباركة، ورد في فضلها أحاديث صحيحة منها ما أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن أبي عاصم في السنة وغيرهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن». [رجاله ثقات سوى عبد الرحمن روى مع الأوزاعي، والأوزاعي ثقة]، وما أخرجه ابن ماجه وابن أبي عاصم واللالكائي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إن الله ليطلع ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن»، وهو لا ينزل عن رتبة الحسن. وجاء الترغيب فى إحيائها فى جملةٍ من الأحاديث حتى لو كان في بعضها ضعف فإن جمهور أهل العلم لا يرون بأسًا في العمل بالحديث الضعيف في الترغيب وفضائل الأعمال، ومن ذلك ما أخرجه عبد الرزاق في المصنف وبن ماجه في [السنن] والبيهقي في [فضائل الأوقات] وابن والشجري في الأمالي وغيرهم عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا يومها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر». وقوله ﷺ: «مَنْ أَحْيَا اللَّيَالِى الخَمْسَ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ..» وذكر منها: «لَيْلَة النِّصْفِ مِنْ شَعْبَان» [رواه الأصبهانى فى "الترغيب والترهيب" من حديث معاذ بن جبل رضى الله عنه].

ومشروعية إحياء ليلة النصف من شعبان ثابتٌ عن كثير من السلف، وهو قول جمهور أهل العلم، وعليه عمل المسلمين سلفًا وخلفًا، قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن العباس المكي الفاكهي المتوفى سنة ٢٧٢هـ في كتابه [أخبار مكة]، باب ذكر عمل أهل مكة ليلة النصف من شعبان واجتهادهم فيها لفضلها:

«وأهل مكة فيما مضى إلى اليوم إذا كان ليلة النصف من شعبان، خرج عامة الرجال والنساء إلى المسجد، فصلوا، وطافوا، وأحيوا ليلتهم حتى الصباح بالقراءة في المسجد الحرام، حتى يختموا القرآن كله، ويصلوا» 

وقال الإمام الشافعى رضى الله عنه المتوفى سنة ٢٠٤هـ في كتابه [الأم] : «وبلغنا أنه كان يقال: إن الدعاء يستجاب فى خمس ليالٍ.. وذكر منها ليلة النصف من شعبان».

وقال الإمام زين الدين بن نجيم فى [البحر الرائق]: «ومن المندوبات إحياء ليالى العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان كما وردت به الأحاديث .. والمراد بإحياء الليل قيامه»

وقال ابن تيمية في [الفتاوى الكبرى]: «وأما ليلة النصف من شعبان ففيها فضل، وكان في السلف من يُصلِّي فيها»

وجاء في الموسوعة الفقهية، باب إحياء الليل:

«ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى نَدْبِ إِحْيَاءِ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ... اخْتُصَّتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِاسْتِحْبَابِ قِيَامِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لِمَا وَرَدَ مِنْ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِي فَضْلِهَا»

وما كان له أصل في الدين يدل عليه فهو مستحب على أقل تقدير وليس ببدعة شرعًا، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في [جامع العلوم والحكم]: «والمراد بالبدعة ما أحدث مما ليس له أصل في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل في الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة، وإن كان بدعة لغة»

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح: «والبدعة أصلها ما أحدث على غير مثال سابق، وتطلق في الشرع في مقابل السنة فتكون مذمومة، والتحقيق: إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة وإلا فهي من قسم المباح وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة».

وقال في الفتح أيضًا: «والمراد بقوله كل بدعة ضلالة ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام».

وقول الحافظ: (بطريق عام) أي أنه لا دليل عليه بخصوصه ولكن ورد الدليل على أصله، ولا يخفى أن الترغيب في الصيام والقيام بشكل عام قد دلت عليه من النصوص ما لا يحصى ولا يعد.

🌹اللهم صلِّ وسلم على الذات المحمدية وانفحنا ببركتها واهدنا إلى الرشاد🌹

أ   ك