الأربعاء، 23 مارس 2016

تهافت التشكيك في استتابة ابن تيمية سنة 707هـ

لقد ثبت في كتب التاريخ أن أحمد بن تيمية قد استتيب سنة 707هـ في قضايا عقدية (الإستواء والنزول معاني القرءان) وتاب مختارًا، وكتب توبته بيده. وهناك محاولات يائسة للتشكيك في هذا الأمر، لكن هيهات، فقد أورد تلك الحادثة بالتواتر مؤرخو عصره ومن أتو بعده ومنهم:
- الحافظ ابن حجر العسقلاني(773 هـ - 852 هـ) في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة.
- ابن المعلم (ت 725هـ) في نجم المهتدي ورجم المعتدي.
- والنويري الشافعي (ت 733 هـ) في نهاية الأرب.
- وابن شاكر الكتبي (ت 764 هـ) في عيون التاريخ.
- وابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ) في الذيل الجامع.
- والذهبي والبرزالي وغيرهم من المؤرخين المعاصرين. ولن ينفع أن بعضهم تجاهل توثيق الحادثة لما تربطه بابن تيمية من العلاقة، ولن ينفع كذلك التعذر بأنه خاف على نفسه الموت وأنه هدد بالقتل، كما قال ابن رجب: "وذكر الذهبي والبرزالي وغيرهما أن الشيخ كتب بخطه مجملا من القول وألفاظا فيها بعض مافيها، لــمّا خاف وهدد بالقتل" وذلك مردود لعدة وجوه:
- أنه فعل ذلك مختارًا واستشهدوا عليه في ذلك كما ذكر الحافظ في الدرر الكامنة: "أشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختارا وذلك في خامس عشرى ربيع الأول سنة 707 وشهد عليه بذلك جمع جم من العلماء وغيرهم وسكن الحال"أهـ.
- أنه حوقق وعجز عن دفع الحجج التي أبطلت مذهبه الفاسد.
- أنه لم يعد إلى إثارة تلك المسائل مرة أخرى، بل أثار مسائل أخرى.
- ليس هناك دليل على أنه تعرض للتهديد، وإن كان طريق الحق مليء بالصعاب، فقد قتل أنبياء وأحيط برسل، لكن دعاة الحق دائمًا ما يتميزون بالشجاعة والبسالة والصبر على البلاء ولو أدى ذلك إلى الموت، ولنا في سيرة الأئمة الأعلام غير مثال، وآخرهم الإمام أحمد رضي الله عنه.
- عندما استتيب في مسألة تحريم شد الرحال لزيارة المصطفى صلى الله عليه وسلم أبى أن يتوب، وهلك مسجونًا. مما يدل على أنه في الأولى حوقق وتاب مختارًا ولم يتب في الثانية مختارًا.

والمستتاب متروك لا يؤتم به ولا يقتدى، إذ لا يؤمن عليه الضلال، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم وثلاثة: زلة عالم، وجدال منافق، ودنيا تقطع أعناقكم، فأما زلة عالم فإن اهتدى فلا تقلدوه دينكم، وإن زل فلا تقطعوا عنه آمالكم" أخرجه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات. وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال: "يذهب العلماء، ثم يتخذ الناس رءوسا جهالا، يُسألون فيفتون بغير علم، فيضلون ويضلون"، لذلك فإن الضمانة هي في لزوم جماعة المسلمين واتباع جمهور أهل العلم، فإن الله تكفل على ألا يجمع الأمة على ضلالة.