الأحد، 16 يوليو 2017

نظرية المؤامرة

عبارة "نظرية المؤامرة" هي في نفسها جزء من المؤامرة لأنها تعرِّض بمن يتقصى نشاط العدو، وتظهره كأنه شخص موهوم بشيء لا وجود له إلا في ذهنه!
عجبًا، هل كل الناس أخيار ليس فيهم شرير؟ بل إن أكثرهم ليس على هدى، كما قال تعالى: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)

أليس هنالك مصالح وموارد وثروات ومكانة تصطرع عليها الدول والمجتمعات والأفراد؟
هل نعيش في الجنة؟ أو في المدينة الفاضلة؟

إذا فما هي المؤامرة؟ هي المكر السيء، وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع، كما قال تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، وقال تعالى: (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)، وقوله تعالى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
فهذه الآيات تثبت المؤامرة وإن كان الأمر أهون من أن يدلل عليه بالقرءان الكريم، فإنه مما يفهم بداهة.

فائدة:
المكر بمعنى الاحتيال والخداع لا يليق برب العزة عز وجل كما في قوله تعالى: (ويمكر الله والله خير الماكرين)، وقوله تعالى: (ومكر الله والله خير الماكرين)، وهو مجاز، فمكر الله هو أن يعاملهم بعدله لا برحمته وعفوه، لكن الكلام جرى على جهة المقابلة اللفظية مجازًا، قال الزجاج: مكر الله مجازاتهم على مكرهم،  فسمي الجزاء باسم الابتداء، والعقوبة باسم الذنب، فهي من باب المجازاة وإتباع لفظ لفظا، وإن اختلف معنياهما وهذا كثير في كلام العرب، كما قال عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا ××× فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فسمى انتصاره جهلا، والجهل لا يُفتخر به، وإنما قاله ليزدوج الكلام فيكون أخف على اللسان مع المخالفة بينهما في المعنى. وهذا كثير في كلام الله عز وجل كقوله تعالى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فالجزاء لا يكون سيئة، وقوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) والقصاص لا يكون اعتداءًا لأنه حق وجب، وكذا قوله تعالى: (إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا)، وقوله تعالى: (إنما نحن مستهزئون)، وقوله تعالى: (الله يستهزئ بهم)، وليس منه سبحانه هزء ولا كيد، إنما هو جزاء لمكرهم واستهزائهم وجزاء كيدهم، وكذلك قوله تعالى: (يخادعون الله وهو خادعهم)، وقوله تعالى: (فيسخرون منهم سخر الله منهم)، وقوله تعالى: (نسوا الله فنسيهم)، وقوله تعالى: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يمل حتى تملوا ولا يسأم حتى تسأموا)، كله مجاز فالله تبارك وتعالى منزه عن الخداع والسخرية والنسيان والملل والسأم، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.