الاثنين، 2 أكتوبر 2017

هل كل تقسيم يكون منطقيًّا ومقبولًا؟

تقسيم المسائل بغرض الشرح والبيان في حد ذاته شيء شائع عند العلماء ومألوف، لكن هل كل تقسيم مقبول؟
لا، ليس كل تقسيم يكون مقبولًا، فمثلًا تقسيم الدين إلى عادات وعبادات في تقديري تقسيم فاسد، فإن سئلت عن الطعام أو الشراب، هل هما عادة أم عبادة؟ فلن تستطيع الإجابة لأنهما ليسا عبادة بالمطلق ولا عادة بالمطلق، إن قلت عبادة بالمطلق كان الكفار والدواب وكل ما يأكل ويشرب عابدًا لله تعالى به، وإن قلت عادة فجاز لك أن تأكل الخنزير والميتة وتشرب الخمر وكل مسكر، وهكذا لا يقوله به عاقل.
لأجل هذا فإن تقسيم أهل العلم الشريعة للأحكام الخمسة (الحلال والمستحب والحرام والمكروه والمباح ) هو أصلح، فهو تستوعب بشمول الأحكام، فمن الطعام ما هو حلال كالأنعام، وما هو مستحب كالتمر والزيتون وكل ما رود في القرءان الكريم والسنة المطهرة، ووما هو حرام كلحم الخنزير والميتة، وما هو مكروه كالبصل والثوم والكراث، ما هو ومباح كسائر الطعام الذي لم يرد فيه نهي أو تحريم. كما أن الأكل والشراب فيهما آداب شرعية تدخل من باب الإستحباب كالبسملة واستدراك ما فات من البسملة، والأكل والشرب باليمين، والشرب جالسًأ، والأكل مما يليك، ولعق الأصابع وإحسان الإناء، وأن تحمد الله على ما رزقك، وغيرها من الآداب، ومنها ما يدخل من باب التحريم أو الكراهة كالإسراف في الطعام، والأكل والشرب بالشمال، وإعابة الطعام، والتبذير، وغير ذلك الأمور الشرعية التي تكتنف مسألة الأكل والشرب، وهناك أمور تكون من باب العادات الصرفة مثل نوع الطعام المباح ومذاقه وطريقة طهيه، وطريقة رص المائدة، ونوعية الآنية المستخدمة في المائدة، وطريقة الجلوس للأكل، .. إلخ.
العبادة بالمداومة قد تصير عادة، فمثلًا لو تعودت أن تصلي أربع ركات بعد شروق الشمس فهذه عبادة اعتدت عليها، والعادة قد تصبح عبادة، فمثلًا لو اعتدت أن تزيح أي عائق في الطريق صادفك، فإن ابتغيت وجه الله بهذا العمل ولم تعمله رياءًا ولا سمعة، كانت هذه العادة عبادة لله عز وجل، لأجل ذلك جعلت الشريعة كثيرًا من الأمور التي تعمل عادة صدقات يجزي الله عليها، مثل إماطة الأذى عن الطريق، والتبسم، والكلمة الطيبة، .. إلخ.