الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

أهمية الإرشاد

إلى أولي الألباب..

إن الله عز وجل احتجب عن عامة الخلق بحجاب لا يرفعه عنهم فيرونه إلا يوم القيامة، لكنه عز وجل هداهم إليه بالأنبياء والرسل فقال تعالى:
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة: 38]

فأوحى إلى صفوة خلقه ليدلوا الناس عليه جل وعلا ويهدونهم إلى سبيل الرشاد، وأمرهم ببلاغ رسالاته وبيان الكتاب الذي أنزل إليهم، وجعلهم منارات ترشد الناس إليه وأبواب يدخلون منها عليه.
لم يشأ سبحانه للناس أن يطلبونه بلا دليل ولا مرشد، لأن الشيطان يتربص بهم، حيث قال تعالى:
(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة اﻷنعام: 153]
وعن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا ثم قال: "هذا سبيل الله، ثم خط خطوطًا عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه" الآية.

لذلك جاء في المثل الشعبي أن من لا شيخ له فشيخه الشيطان، لأن من يقبل على الله فلابد له من دليل ومرشد وإلا سقط في مصائد الشيطان. وعندما زعم أناس أنهم يحبون الله عز وجل ويريدون أن يتعاموا معه مباشرة بدون وسائط ارتضاها أنزل الله تعالى قوله:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
[سورة آل عمران: 31]
فردهم إلى الباب، فلا دخول على حضرته إلا من الأبواب التي ارتضاها لهم.

                ☘☘☘

لذلك فإن كل من يدعو للتعامل مع الله تبارك وتعالى مباشرة بدون مرشد ولا وسائط ارتضاها فإنه يدعو إلى ضلالة في ثوب حق وتوحيد، لأننا ما رأينا الله عز وجل ولا سمعناه، ولا تكلمنا معه، ولا تكلم هو معنا إلا عبر رسله عليهم السلام، فهم الواسطة التي ارتضاها لنا لنتعرف بها عليه ونقبل منها إليه، ولذلك تجد كثيرًا في القرءان الكريم: عبارة "ويسألونك" ثم تجد الإجابة عبر النبي صلى الله عليه وسلم بعبارة "قل"، فلماذا لم نسأل الله مباشرة؟ ألا يسمعنا؟ ولماذا لم يقل لنا نحن الإجابة مباشرة ألا يتكلم؟ جل وعلا عن ذلك، لكنه حكيم خبير، ولا يسأل عما يفعل.

                ☘☘☘

وقد ورث العلماء الربانيون والأولياء الصالحون العلم من بعد الرسل، وكلفوا بالهداية بعدهم وتذكير الخلق بربهم ودينهم، لذلك عندما سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن الأولياء الصالحين قال:
"هم الذين يُذكر الله بذكرهم"
وفي رواية:
"هم الذين إذا رؤوا ذكر الله".

فالأنبياء والرسل والأولياء الصالحون ليسوا خصمًا على دين الله بل منارات تدل الناس على الله وترشدهم إليه لا غنى عنها، فمن يريد أن يقصيهم في علاقته مع ربه أو يتجاوزهم فإنه يسلك سبيل ضلال على رأسه شيطان.

فلابد من التتلمذ والتلقي عن الأشياخ والسلوك على أيديهم، ومن يظن أن التعلم من الكتب مباشرة أو من المقاطع والرسائل يغنيه فهو على ضلالة، فلو كانت الكتب السماوية تغني لما بعث الله تعالى رسله يبينونها ويطبقونها في واقع الناس.

لا غنى عن الإرشاد لأن المرشد لا يعلمك فقط بل يربيك أيضًا، ويتعهدك، ويخلصك من علل نفسك وعيوبها حتى يوصلك إلى الله عز وجل.

📩 لا تدعها تقف عندك، فالدال على الخير كفاعله