مكافحة انتشار الأسلحة النووية يعتبر من أهم النشاطات التي لا تتوانى فيها أمريكا والدول الغربية، بل يمكن أن تشن حروب بسببها. ولأجل ضبط هذه المسألة تم إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المؤسسة الدولية التابعة للأمم المتحدة والمعنية بسلامة وتنظيم توظيف الطاقة النووية في الأغراض السلمية والآمنة، وتم أيضًا إطلاق معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. الكل يؤمن بأن موضوع الطاقة الذرية هذا موضوع خطير وسلاح ذو حدين، فيمكن أن يستخدم في الخير ورفاه البشر، ويمكن أيضًا أن يستخدم في الشر، ولو لم يقنن فإنه سيؤدي إلى فناء العالم حال تم إساءة استخدامه ووقع بأيدي شريرة. وقد شاهد العالم آثاره المدمرة عندما استخدم إبان الحرب العالمية الثانية لضرب هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين مما أدى لاستسلام اليابان في الحرب ووفاة أكثر من ٢٢٠ ألف شخص. كما تسبب خلل فني في مفاعلي تشرنوبل الأوكراني وفوكشيما الياياني في كوارث بيئية وإشعاعية خطيرة هددت حياة عشرات آلاف الأشخاص. والطاقة الذرية كما تعلمون هي الطاقة الكامنة في نواة الذرة والتي يتم تحريرها بشطر نواة ذرة اليورانيوم المشع في تفاعل متسلسل ينتج عنه إنفجار عظيم وطاقة حرارية هائلة ذات أثار مدمرة.
المفارقة تتجلى عندما ننظر إلى الغريزة الجنسية لدى الإنسان كطاقة كامنة، يمكن أن توظف بشكل آمن وسليم لصالح إنشاء أسرة تكون نواة للمجتمع ووسيلة لبقاء النوع البشري، أو العبث بها وإثارتها بصورة فوضوية غير منضبطة فينتج عنها آثار مدمرة تدمر الأسرة، وتفكك المجتمع وتفسده ومن ثم تؤدي إلى فناء البشر وانقراضهم. إن مؤسسة الزواج وما تمثله من إرساء للحقوق والواجبات والضوابط المنظمة للممارسة الشرعية السليمة والآمنة للجنس تلعب دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية وما تمثله من تنظيم لاستخدام الطاقة الذرية بشكل آمن وسلمي لصالح رفاه البشرية. وتلعب القيم الأخلاقية والآداب الشرعية في الأديان وقوانين الأحوال الشخصية، والتي تقنن ممارسة الجنس وتحظره خارج الحياة الزوجية دور المعاهدات الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية.
عندما ننظر إلى الموضوع من هذه الزاوية تتجلى لنا التناقضات العجيبة التي تقوم عليها الثقافة الغربية اليوم، والتي تشدد في موضوع تنظيم استخدام الطاقة الذرية بينما تتساهل في موضوع تنظيم استخدام الغريزة الجنسية، مع أن الفوضى في كليهما يمكن أن تتسبب في فناء البشر.
إن سمو الإنسان وتحضره ككائن راقي نتج عنه تنظيم أكله وشرابه في شكل آداب وطقوس، وتنظيم لبسه في قالب من الذوق والأناقة، وتنظيم كلامه في أسلوب من الأدب واللباقة، وتنظيم عواطفه ورغباته الجنسية في سياج من الحياء والرومانسية واللطف. إن هذا الكائن الراقي لا تليق به الهمجية والوقاحة والابتذال، لا يليق به أن يعيش على طريقة البهائم.