الأحد، 1 مارس 2020

استحباب صيام شهر رجب والأشهر الحُرُم

لا شك أن صيام التطوع مستحب على العموم للأدلة الكثيرة على ذلك ومنها الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري ومسلم: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به». وكل ما ورد في الحث على صيام التطوع حتى ولو كان ضعيفًا من ناحية السند فإنه يعمل به لما قرره جمهور أهل العلم من أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال إجماعًا، وصيام التطوع لا شك أنه من فضائل الأعمال.

روى أبو داود والإمام أحمد وابن سعد والبيهقي في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي مجيبة الباهلي رضي الله عنه: «صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ».
وثبت صوم الصحابة رضوان الله عليهم للأشهر الحرم، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما أنه كان يصومُ أشهرَ الحُرُم، وأخرج أيضًا بسند صحيح عن نافع أن ابنَ عمرَ كان لا يكادُ يفطرُ في أشهرِ الحرمِ ولا غيرها.
وقال الإمام الحافظ النووي في المجموع: "قال أصحابنا: ومن الصوم المستحب صوم الأشهر الحرم، وهي: ذو العقدة وذو الحجة والمحرم ورجب." اهـ.
وفيما يتعلق بصوم رجب والأشهر الحُرُم فقد ذهب جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية، وبعض الحنابلة إلى استحباب الصيام في شهر رجب، أحد الأشهر الحُرُم الأربعة، كما يستحب أيضًا صيام باقي الأشهر وهي: محرم، وذو القعدة، وذو الحجة.
واستدلوا على ذلك ببعض الأحاديث الواردة، منها قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن صومه شهر شعبان: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ» رواه النسائي بسند جيد. قال أهل العلم: «دل هذا الحديث على أن شهري رجب ورمضان شهرا عبادة وطاعة لا يغفل الناس عنها»، وقال الإمام الحافظ الشوكاني في نيل الأوطار: «ظاهر قوله في حديث أسامة إن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب، لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم، كما يعظمون رمضان ورجبًا به»أهـ
وقال الإمام المرداوي في الإنصاف: «وأما صيام بعض رجب، فمتفق على استحبابه عند أهل المذاهب الأربعة لما سبق، وليس بدعة، ثم إن الراجح من الخلاف المتقدم مذهب الجمهور لا مذهب الحنابلة» أهـ
🌹🌹🌹
اللهم صلِّ وسلم على الذات المحمدية وانفحنا ببركتها واهدنا إلى الرشاد