الدين روحه الإيمان بالغيب (الذين يؤمنون بالغيب)، ومتعته العجائب (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من ءاياتنا عجبًا)!
أما علم الغيب وعلم الحقيقة فلأهل الإيمان والتصديق العالي، أولي الألباب، وأما علم الشهادة وعلم الشريعة فلعامة الناس بمختلف مستويات عقولهم. الدين لا يلغي العقل، لكن لكل درجة إيمانية عقلها، فعقل الذي رأى الملائكة ليس كعقل من لم يرها. وفي حياتنا العامة تجد الرجل الخبير مثلًا يؤمن بأشياء لا يؤمن بها عامة الناس من غير ذوي الخبرة، وذلك لأن تجاربه وخبرته ارتقت بعقله فصار يتعامل مع أمور غيبية كأنها شهادة، فيتنبأ بأمور وتصدق نبوءته.
والحمد لله رب العالمين أن ديننا فيه من العجائب والدهشة ما يجعل الحياة في رحابه رحلة شيقةً.. ممتعةً.. مليئةً بالغرائب.. ومفعمة بالإيمان بقدرة الله عز وجل الخارقة، وإن الذين يصورون الدين على أنه أمور مادية بسيطة وعادية فإنهم يقدمون للناس دينًا آخر غير دين الله عز وجل الذي أنزل.
😳 فلنستعرض جانبًا يسيرًا جدًا من هذه العجائب..
أعظمها رحلة الإسراء والمعراج، التي سافر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر الزمن إلى المستقبل، بسرعة فائقة تفوق سرعة الضوء، سرى فيها إلى بيت المقدس، ولقي الأنبياء وصلى بهم، ثم عرج إلى السموات العلا، ورأى العجائب، ورقى إلى شهود ربه جلا وعلا، ورآه من غير توصيف ولا تكييف، قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
[سورة اﻹسراء: 1]
ومن العجائب إنشقاق القمر علامة على نبوته محمد صلى الله عليه وسلم وعلى عظمة شأنه وأن الكون كله رهن إشارته، قال تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) [سورة القمر: 1]
ومن العجائب أنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم عليه الحجر والشجر، وكانت تكلمه البهائم والطيور وتشتكي له، وكان ينبع الماء من بين يديه، وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وكان يرى في الظلام كما يرى في النور، وكان يسمع صوت كل شيء حتى أطيط السماء، ولم يكن له ظل، وإذا كان بين شخصين كان أطولهما، وغير ذلك الخصائص المحمدية العجيبة، عليه أفضل الصلوات وأتم التساليم.
وإذا كان سر الموت عجيب، وأن كل نفس ذائقة الموت، فإن سر الإحياء أعجب، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة البقرة: 260]
ومن العجائب أن الله تعالى أمات قومًا من بني إسرائيل وبعثهم، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة البقرة: 55 - 56]
ومن العجائب أن الله مسخ قومًا من بني إسرائيل قردة وخنازير، قال تعالى:
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [سورة البقرة: 65]
وقال تعالى: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ) [سورة المائدة: 60]
ومن العجائب أن الله تعالى أحيا قتيلًا ليخبر عن قاتله بضربه فخذ بقرة رجل صالح ذبحوها لهذا الغرض، قال تعالى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ۖ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [سورة البقرة: 72 - 73]
ومن عجائب قدرة الله تعالى على الإحياء والنشر هذه القصة، قال تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة البقرة: 259]
ومن العجائب أن جبل الطور العظيم رُفع فوق قومٍ من بني إسرائيل تهديدًا، قال تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة اﻷعراف: 171]
ومن العجائب نجاة سيدنا إبراهيم من الحرق المحقق، قال تعالى: (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ)
[سورة اﻷنبياء: 68 - 69]
ومن العجائب عصاة سيدنا موسى عليه السلام التي كانت تتشكل في هيئة حية كبرى، قال تعالى: (فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ) [سورة طه: 20]
وكانت لها خصائص عجيبة، قال تعالى: (وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ۖ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)
[سورة البقرة: 60]
وقال تعالى عنها: (فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [سورة الشعراء: 63]
ومن العجائب أن أثر حافر فرس جبريل عليه السلام فيه سر إحياء عجيب، قبض السامري من ذلك الأثر قبضة فنبذها في العجل الذي صنعه بعض بني إسرائيل من حليهم، فصار عجلًا جسدًا له خوار، قال تعالى: (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ * قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) [سورة طه: 95 - 96]
ومن العجائب إن مريم الصديقة عليها السلام كانت تأتيها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، قال تعالى: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [سورة آل عمران: 37]
ومن العجائب أنها عليها السلام أنجبت سيدنا عيسى عليه السلام من غير أب، قال تعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [سورة آل عمران: 47]
وأن عيسى عليه السلام كان يكلم الناس في المهد وهو رضيع، قال تعالى: (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ) [سورة آل عمران: 46]
وكانت لديه أسرار وعجائب، قال تعالى: (وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّهِ ۖ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة آل عمران: 49]
ومن العجائب الكبرى قصة أهل الكهف، الذين مكثوا في كهفهم 309 سنة، بدون أكل، ولا شراب، ولا قضاء للحاجات الطبيعية، قال تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا) [سورة الكهف: 25]
ومن العجائب أن حوت سيدنا موسى كان مطبوخًا ومملحًا لكنه نزل البحر ومضى، قال تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) [سورة الكهف 61]
ومن العجائب ما حصل بين الخضر عليه السلام وموسى عليه السلام، من خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار، قال تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا * وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) [سورة الكهف: 79 - 82]
ومن العجائب أن الإنس قدرتهم أعجب من قدرات الجن، فيأتي الرجل الصالح صاحب سيدنا سليمان عليه السلام، بعرش بلقيس من اليمن، وكان العرش قد وضع في سبع توابيت من حديد، يأتي به إلى بيت المقدس في طرفة عين، قال تعالى: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [سورة النمل: 38 - 40]
ومن العجائب كلام سيدنا سليمان عليه السلام مع الطير، قال تعالى: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)
[سورة النمل: 16]
ومن العجائب سماع سيدنا سليمان عليه السلام حديث الحشرات كالنمل، قال تعالى: (حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ) [سورة النمل: 18 - 19]
ومن العجائب أن الدواب تتكلم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي فالتفت إليه الذئب فقال: من لها يوم السَّبْعِ يوم ليس لها راع غيري. وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت إليه فكلمته فقالت: إني لم أخلق لهذا ولكني خلقت للحرث"، قال الناس: سبحان الله! قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب"
رواه البخاري
ومن العجائب أن للمؤمن خصائص عجيبة كأن ينير الظلام، روي أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما كانا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة حتى ذهب من الليل ساعة، وهي ليلة شديدة الظلمة، خرجا وبيد كل واحد منهما عصا فأضاءت لهما عصا أحدهما فمشيا في ضوئها، حتى إِذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله.
أخرجه البخاري
ومن العجائب رؤية الملائكة وسماع كلامهم، كما قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) [سورة آل عمران: 45]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتًا في سحابة: (اسق حديقة فلان) فتنحّى ذلك السحاب، فأفرغ ماءه في حَرَّةٍ، فإذا شَرْجَةٌ من تلك الشِّرَاجِ قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبّع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بِمِسْحَاتِهِ، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان، للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له: يا عبد الله، لم تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قُلْتَ هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثاً، وأرد فيها ثلثه) أخرجه مسلم
ومن العجائب تعامل المؤمن مع النار، فعن معاوية بن حرمل قال: قدمت المدينة فذهب بي تميم الداري إلى طعامه، فأكلت أكلًا شديدًا وما شبعت من شدة الجوع، فقد كنت أقمت في المسجد ثلاثًا لا أطعم شيئًا، فبينا نحن ذات يوم إذ خرجت نارٌ بالحرة فجاء عمر رضي الله عنه إلى تميم فقال: "قم إلى هذه النار" فقال: "يا أمير المؤمنين من أنا وما أنا؟" فلم يزل به حتى قام معه قال: وتبعتهما فانطلقا إلى النار، قال: فجعل يحوشها بيده هكذا حتى دخلت الشِّعَب ودخل تميم خلفها وجعل عمر رضي الله عنه يقول: "ليس من رأى كمن لم يرَ". حسن أخرجه أبو داود في الزهد، والبيهقي وأبو نعيم في الدلائل.
هذه مجرد أمثلة ليست للحصر، فديننا كله عجائب.. وإن المؤمن لأحق الناس بكرامات الله عز وجل ما كان مستقيمًا على أمر الله..
فلا تفرغوا الدين من محتواه، فيصير دينًا ماديًا أجوفًا لا حياة فيه ولا طعم له..
اشحنوا قلوبكم بالإيمان بعظيم قدرة الله تبارك وتعالى تروا العجائب..
💕اللهم صلِّ وسلم على الذات المحمدية وانفحنا ببركتها واهدنا إلى الرشاد