مدينة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم طَيْبةَ الطيِّبةَ، ملتقى المهاجرين والأنصار، وموطن الذين تبوؤوا الدار والإيمان، والعاصمة الأولى للمسلمين، فيها عقدت ألوية الجهاد في سبيل الله، فانطلقت كتائب الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومنها شعَّ النور، فأشرقت الأرض بأنوار الهداية، وهي دار هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، إليها هاجر، وفيها عاش آخر حياته صلى الله عليه وسلم، وبها توفي، ومنها يبعث صلى الله عليه وسلم، ومن ثم عظُم شرفها، وعلت منزلتها، حتى فُضلت على سائر بقاع الأرض.
فضلها:
عن أنس رضي الله عنه قال: «لما كان اليوم الذي دَخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء»
[صحيح أخرجه الترمذي وابن حبان والإمام أحمد]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الإيمان ليأرز -أي يأوي- إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها»
[أخرجه البخاري ومسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت بقرية تأكل القرى، يقولون: يثرب وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد»
[أخرجه البخاري ومسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنها -أي المدينة- طَيْبةُ، تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة»
[أخرجه مسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال»
[أخرجه البخاري]
عن السيدة عائشة رضي الله عنه قالت: قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، فقال رسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها وحول حماها إلى الجحفة»
[أخرجه البخاري ومسلم]
عن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، فأبصر إلى درجات المدينة، أَوْضَع ناقته -أي حثها على الإسراع- وإن كان على دابة حركها من حبها»
[أخرجه البخاري]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أناس يخرجون من المدينة إلى اليمن وغيرها: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها -أي الشدة وضيق العيش- إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة»
[إخرجه مسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يكيد أَهْلَ المدينة أحد، إلا انماع -أي ذاب وانحسر- كما ينماع الملح في الماء»
[أخرجه البخاري]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» [أخرجه البخاري ومسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام»
[أخرجه البخاري ومسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج حتى يأتي هذا المسجد -يعني قباء- فيصلي فيه كان كعدل عمرة.
[أخرجه الإمام أحمد]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر وعمر، ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي، ثم انتظر أهل مكة حتى أُحشر بين الحرمين»
[أخرجه الترمذي وحسنه]
فضلها بالمقارنة مع مكة المكرمة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة، وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة»
[أخرجه مسلم]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: «اللهم اجعل بالمدينة ضِعْفَي ما جعلت بمكة من البركة»
[أخرجه البخاري]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مُدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك، وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه». قال: ثم يدعو أصغر وليد له فيعطيه ذلك الثمر.
[أخرجه مسلم]
عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: تكلم مروان يومًا على المنبر فذكر مكة، فأطنب في ذكرها ولم يذكر المدينة، فقام إليه رافع بن خديج رضي الله عنه فقال: ما لك يا هذا، ذكرت مكة فأطنبت في ذكرها ولم تذكر المدينة؟ وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «المدينة خير من مكة»
[أخرجه الجوهري في مسند الموطأ، والطبراني في الكبير، وابن المقرئ في معجمه والجنذي في فضائل المدينة]
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي، فأسكني أحب البلاد إليك». فأسكنه الله المدينة
[أخرجه البيهقي ذكره ابن كثير في البداية والنهاية]
قال القاضي عياض الحافظ في الشفا: «أجمعت الأمة على أن البقعة الحاوية لأعضائه -أي القبر النبوي الشريف- أفضل البقاع»
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية:
«انفرد الإمام مالك عن بقية الأئمة الأربعة بتفضيلها على مكة،.. والمشهور عن الجمهور أن مكة أفضل من المدينة، إلا المكان الذي ضم جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم»
فضل الموت فيها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع لمن مات بها»
[أخرجه الترمذي وابن ماجة وابن حبان والبغوي في شرح السنة وحسنه]
أي أن يسأل الله الموت فيها ويحرص ألا يخرج منها إلى أن يموت.
كان سيدنا عمر رضي الله عنه يدعو فيقول: «اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك صلى الله عليه وسلم» [أخرجه البخاري]
فاستجاب الله دعاءه فقتل شهيدًا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فضل أماكنها وترابها وغبارها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُحُد، جبل يحبنا ونحبه»
[أخرجه البخاري ومسلم]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«أتاني الليلة جبريل فقال صلِّ في هذا الوادي -وادي في المدينة اسمه وادي العقيق- وقل عمرة في حجة»
[أخرجه البخاري]
عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا اشتكى الإنسان الشيء منه أو كانت به قرحةٌ أوجرحٌ قال النبي صلى الله عليه وسلم بإصبعه هكذا -ووضع سفيان راوي الحديث سبابته في الأرض ثم رفعها:
«باسم الله، تربةُ ارضنا، بريقةِ بعضنا، ليشفى به سقيمنا، بإذن ربنا»
[أخرجه البخاري ومسلم]
دخلَ النبي صلى الله عليه وسلم على ثابتِ بنِ قيس وهو مريض فقالَ: «اكْشِفِ البَاْسَ ربَّ النَّاسِ، عن ثابت بنِ قيس بنِ شَمَّاس» ثم أخذ تراباً من بُطحانَ فجعله في قَدَحٍ، ثم نَفَثَ عليه بماءِ، ثم صبَّه عليهِ.
[أخرجه أبو داود والنسائي بسند جيد].
بُطْحان أو بَطْحان: وادٍ بالمدينة مبارك، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُطْحانُ على بِرْكَةٍ مِنْ بُرَكِ الجَنَّةِ)
عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك تلقاه رجالٌ من المتخلفين من المؤمنين، فأثاروا غبارًا، فخمر بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم أنفه، فأزال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللثام عن وجهه وقال: «والذي نفسي بيده: إن في غبارها شفاءً من كل داء» وقال: وأراه ذكر: «ومن الجذام والبرص» [رواه رزين]
وعن ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غبار المدينة شفاءٌ من الجذام»
[رواه الديلمي في مسند الفردوس وأبو نعيم في الطب النبوي وابن النجار في تاريخ المدينة]
فضل تمرها وعجوتها وبركة طعامها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تصبح بسبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر»
[أخرجه البخاري ومسلم]
عن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنهما قال: غلا السعرُ بالمدينة، واشتد الجهدُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصبروا وأبشروا، فإنى قد باركت على صاعِكم ومُدِّكم، فكلوا ولا تفرقوا، فإن طعام الواحد يكفى الإثنين، وطعام الإثنين يكفى الأربعة، وطعام الأربعة يكفى الخمسة والستة، وإن البركة فى الجماعة، فمن صبر على لأوائِها وشدَّتها، كنتُ له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة»
[أخرجه ابن ماجة والبزار وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح]