السبت، 30 أبريل 2016

ما لا تعرفه عن الألباني

هو الباحث في مجال الحديث الشريف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ولد سنة 1914م بألبانيا، وتوفي في الأردن سنة 1999م، أي قبل نحو 17 سنة من اليوم. تعليمه ومشائخه: درس الإبتدائية ولم يكمل تعليمه، ودرس على والده المذهب الحنفي، وعلى صديق والده الشيخ سعيد البرهاني -شيخ الطريقة الشاذلية في زمانه- مراقي الفلاح في الفقه الحنفي وبعض كتب اللغة والبلاغة وقيل كان يحضر دروسًا لمحمد بهجة البيطار في "الحماسة" لأبي تمام. ويعاب على الألباني أنه ليس له مشائخ سوى والده وصديقه الشيخ سعيد البرهاني، مع أن علماء الحديث وحفاظه كان يعد مشائخهم بالمئات والألوف، حتى أنهم كانوا يصنفون المعاجم في شيوخهم مثل معجم شيوخ الطبراني. دراسته للحديث الشريف: على الرغم أن الألباني عاش في القرن العشرين إلا أنه اشتهر بين العوام كأحد علماء السلف، واشتهر بين أنصار الدعوة السلفية بأنه محدث العصر، قال الشيخ عبد العزيز بن باز:«ما رأيت تحت أديم السماء عالمًا بالحديث في العصر الحديث مثل محمد ناصر الدين الألباني»، لكن الذي لا يعرفه كثير من الناس أن الألباني لم يدرس الحديث الشريف وعلومه على أحد أهل العلم من المشائخ، ولا في معهد ديني أو جامعة إسلامية، بل درسه من خلال بحوث مجلة المنار التي كان يصدرها محمد رشيد رضا، ومن بعض الكتب. ويعتبر هذا من أحد أكبر الإنتقادات التي وجهت إليه فقالوا: ما أخذ أحد العلم من الكتاب –دون معلم– إلاَّ ضل، فلابد من المعلم، ليشرح الغامض، ويقيد المطلق، ويفصل المجمل، ويبين المراد من الاصطلاح، ولو كان الكتاب وحده ينفع دون احتياج لمعلم يشرح، لما أرسل الله مع كل كتاب رسولاً يشرحه، ويبينه، ويبلغه، ولَمَا أخذ الله العهد على الذين أوتوا الكتاب أن يبينوه للناس، ولَمَا ألجمَ الله كاتم العلم بلجام من نار، وكتب العلم متوفرة للقاصي والداني، ولا شك أن كلام الله هو أحسن الحديث وأبلغه وأيسره، ومع ذلك لا يستغنى عن الرسول لبيانه. قال الأوزاعي أحد أئمة السلف: "كان هذا العلم كريمًا يتلاقاه الرجال بينهم، فلما دخل في الكتب، دخل فيه غير أهله. لذلك يعتبر الألباني في نظر بعض العلماء أنه غير مؤهل في هذا العلم وليس بمعتبر فيه وما كان ينبغي أن يصنف فيه ولا أن تفرد له كل هذه المساحة، فالعلم بالتعلم والفقه بالتفقه، قال محدث الهند الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي في كتابه: "الألباني: أخطاؤه وشذوذه": «ولازم ذلك أنه والله لا يعرف ما يعرفه آحاد الطلبة الذين يشتغلون بدراسة الحديث في عامة مدارسنا». ومع ذلك قام بتحقيق كتب لأكابر علماء الأمة في هذا الفن وحكم على مروياتهم تصحيحًا وتضعيفًا كالإمام البخاري والحافظ أبي داود، والحافظ الترمذي، والحافظ الطبراني، والحافظ البيهقي والحافظ المنذري والحافظ السيوطي، وغيرهم من أئمة هذا العلم الشريف. مهنته: أخذ الألباني عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها حتى صار من أصحاب الشهرة فيها. عمله وجهوده: بحسب شهرته في مجال الحديث الشريف عمل الألباني في عدد من الجامعات والمؤسسات ذات العلاقة بعلوم الحديث الشريف، فاختير عضوًا للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعمل فيها لمدة ثلاث سنوات، وطلبت منه الجامعة السلفية في بنارس -الهند- أن يتولى مشيخة الحديث، فاعتذر عن ذلك، واختارته كلية الشريعة في جامعة دمشق ليقوم بتخريج أحاديث البيوع الخاصة بموسوعة الفقه الإسلامي، التي عزمت الجامعة على إصدارها عام 1955. مع أنه لم يكن حافظًا ولا مسندًا ولا محدثًا عمل الألباني في تحقيق وتخريج كتب الأئمة والحفاظ، وأصدر كتبًا يحكم فيها على مروياتهم تصحيحًا وتضعيفًا، كسلسلة الأحاديث الصحيحة، وسلسلة الأحاديث الضعيفة، وصحيح وضعيف الترغيب والترهيب، وصحيح وضعيف الجامع الصغير وزياداته، والتعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل وغيرها من تصانيف الحفاظ. وقد كثرت أخطاؤه في كتبه فكان في كل طبعة جديدة يتراجع عن خطأ في الحكم على حديث في الطبعة السابقة، وتعرض بسبب ذلك لكثير من الإنتقادات حتى ترك كثير من تلامذته وأنصاره الإعتماد على حكمه على الأحاديث، قال الشيخ السلفي محمد الحسن الددو الشنقيطي رئيس جامعة عبد الله بن ياسين بنواكشوط: "فلذلك لا ينبغي أن يؤخذ تصحيحه بالإطلاق ولا تضعيفه بالإطلاق" وقال أيضًا: "والشيخ الألباني رحمة الله عليه بعض ما دخل عليه من الأخطاء وجهه أنه يعتمد على نسخة واحدة ويكون هو غير راوٍ لها، لم يروها ولم يقرأها على أحد من أهل العلم، وكثير من النسخ فيها أخطاء، فالكتب لا تخلو من أخطاء، ولذلك فإنه رحمه الله مثلاً ضعَّف حديثًا في سنن البيهقي وقد طبع في الطبعة (عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس) فضعفه قال: (عبيد الله بن عبد الله بن عباس مجهول فالحديث ضعيف)، وهذا خطأ مطبعي، فأصل الكلام (عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس)، وعبيد الله هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الإمام أحد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة، وهو أثبت الناس في ابن عباس بالإجماع، فالغلط المطبعي كان سببًا للتضعيف، وهكذا فهذا النوع من الأخطاء سببه أخطاء مطبعية أو أخطاء خطية في المخطوطات". وقال: "بعض ما صححه من الأحاديث لم يوافقه غيره على التصحيح، وقد تبين خطؤه في بعض تلك الأمور، ولذلك رجع هو عن بعض تصحيحاته، وبعض ما ضعفه من الأحاديث أيضًا تبين خطؤه فيه ولذلك رجع هو عن بعض ذلك، وكل طبعة من كتاب له فالطبعة التي بعدها فيها رد على نفسه ورجوع عن بعض ما كان أنتج". وقال الدكتور الشريف حاتم العوني، أستاذ الحديث الشريف بجامعة أم القرى والعضو السابق لمجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية: "وخلال مرحلة الاستقلال هذه كنت ألحظ بعض أخطاء الشيخ، وبعض تناقضات أحكامه من كتاب إلى كتاب، ولكني كنت أتجاهلها، وأتغافل عنها، مع مخالفتي له فيها؛ لكني كنت أمتنع عن وضعها في سياق ميزان مكانة الشيخ، ولم أفكّر أن أُعدّل من تصوري عنه بملاحظة تلك الأخطاء". وأردف قائلًا: "الأخطاء المنهجية أو المتكررة عند الشيخ: أ‌- عجلة الشيخ في الحكم على الأحاديث، كما حصل في تخريج أحاديث مشكاة المصابيح وغيرها. ب‌- تساهلٌ يتكرر منه في التصحيح والتحسين بمجموع الطرق، دون التزام بالقواعد الدقيقة لشروط ذلك. وهذا ليس دائما، لكنه كثير ملحوظ، وهو أحد أسباب أخطائه المتكررة. ت‌- قصور ملحوظ في الترجمة للرواة، فتوسعه في الترجمة قليل، مع الأهمية القصوى لذلك، خاصة في الرواة المختلف فيهم أو المقلين الذين يحتاجون إلى بذل وسع كبير للتعرف على حالهم. ث‌- تهاونه وقلة حفاوته بتعليلات أئمة النقد كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني وأمثالهم، فلا يتوقف عندها كما يجب، فإن هو نقلها، ما أسهل الاعتراض عليهم عنده بظواهر لا تكفي لصحة الاعتراض." وأنتقد الألباني أنه كان يقوم بتخريج الأحاديث تبعًا لهواه ونصرته لمذهبه، قال مسفر بن غرم الله الدميني رئيس قسم السنة سابقًا ورئيس الدراسات العليا حاليًا بكلية أصول الدين بالرياض عن الألباني بأنه: «تساهل في تصحيح الأحاديث الموافقة لرأيه وتساهل كذلك في تضعيف الأحاديث المخالفة لرأيه». والثابت أن الألباني ضعَّف أحاديث كثيرة لا تنصر مذهبه، وقد أحصى أحد طلابه نحوًا من 315 روايًا كان الألباني يجهِّلهم مع أن لهم تراجم في كتب الجرح والتعديل، وبسبب ذلك ضعَّف أحاديثهم. وانتقد كذلك بطعنه وقلة احترامه وتوقيره لأئمة الحديث وحفاظه كالحاكم وابن الجوزي والذهبي والسيوطي والمناوي، ولعل ذلك ناتج من أنه لم يتهذب على شيخ ليأخذ عنه توقير العلماء واحترامهم. وقد تعرض الألباني لانتقاد آخر في عقيدته، فقال الشيخ سفر الحوالي أستاذ ورئيس قسم العقيدة سابقًا في جامعة أم القرى عن عقيدة الألباني: «والمؤسف مع هذا أن الألباني أخذ بكلام أهل الإرجاء المحض من غير تفصيل» علاقته بالمملكة العربية السعودية: كان في بدايته مناصرًا للدعوة السلفية في المملكة العربية السعودية وخدم منهجهم ونصره من خلال عمله في تخريج الأحاديث النبوية، وقد ساهمت المملكة في دعم نشاطه ونشر كتبه وتقديمه للعالم على أنه مُحدِّث العصر، لكن العلاقة ما لبثت أن ساءت بسبب حرب الخليج وبسبب خلافات نشبت بينه وبين بعض مشائخ المملكة فأمر مفتي المملكة محمد بن إبراهيم آل الشيخ بفصله من الجامعة الإسلامية بالمدينة نتيجة إختلافه مع عدد من المدرسين فيها، ثم طرد من المملكة على خلفية أحداث الحرم التي قام بها منتسبون إلى الدعوة السلفية سنة 1979م رأت السلطات أنهم تلامذة للألباني.