ﺃﻻ ﻓﺄﻭﺻﻴﻚ ﺃﻥ ﻻ ﺗﻤﺮَّ ﺑﻚ ﺑُﺮﻫﺔٌ ﺇﻻ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﻓﻴﻚ ﻣﻌﺪَّﻝ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﻻ ﺗﻤﺮُّ ﺑﻚ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺇﻻ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﻓﻴﻚ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺤﺐ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ، ﻟﻌﻠﻚ ﺗُﺤﻈﻰ ﺑﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺛﻼﺛﺔ: ﻣﺠﺘﻤﻌﻮﻥ ﻻ ﻳﻐﺎﺩﺭﻭﻥ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ ﻭﻻ ﺗﻐﺎﺩﺭﻫﻢ، ﻭﺻﻨﻒٌ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮﻥ ﺣﻴﻨًﺎ ﻭﻻ ﻳﺠﺘﻤﻌﻮﻥ ﺣﻴﻨًﺎ، ﻭﺻﻨﻒ ﻻ ﺯﺍﻟﻮﺍ ﻳﻠﺘﻤﺴﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑﺎﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﺑُﻌﺜﻮﺍ ﻣﺤﺒﻴﻦ، ﻭﺇﻥ ﻣﺎﺗﻮﺍ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻓﻴﺎ ﺫﺍﻙ. ﻛﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺷﻮﻕٍ ﻷﻥ ﺗُﺠﻤﻊ ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ، ﻳﺎ ﻫﺬﺍ، ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﷺ ﻣﻮﺟﻮﺩٌ، ﻭﻣﺎ ﺩﺍﻡ ﺃﻧﻪ ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻭﻳُﻄﻴِّﺐ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺸﺎﻫﺪ ﻛﻞ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺤﻀﺮ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ، ﻭﻳﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻟﻤﻦ ﺷﺎﺀ (ﻭﻣﺎﻳﻨﻄﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ) ﻭﻟﻮ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﷺ: (ﻣﻦ ﺭﺁﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺤﻖ)[1]، (ﻣﻦ ﺭﺁﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﻓﻘﺪ ﺭﺃﻧﻲ)[2]، ﺃﻭﺻﻴﻚ:
ﻓﻠﻴﻜﻦ ﺣﺎﻟﻚَ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻟﻠﺠﻤﻊ ﺑﺎﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺤﻤﺪﻳﺔ، ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺗﻠﺘﻤﺴﻪ ﺇﻟﺘﻤﺎسًا، ﺃﻭ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﺑﺤﺜًﺎ. ﻭﻻ ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻛﺴﺎﺀً ﻓﺤﺴﺐ، ﺍﺟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻡ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﺮﻯ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻓﻴﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺪﻡ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻴﻚ ﺫﺭﺓ ﺇﻻ ﻭﻫﻲ ﻣﺸﺘﺎﻗﺔ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ، ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖَ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ؛ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﺸﺮﺕَ ﺷﻌﺮﻙَ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻼﻗﺔ ﻭﻛﻨﺖَ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳُﺮﺍﻗﺒﻮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻘﺎﻝ ﻟﻚﺍﻟﺸﻌﺮ: "ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻓﺎﺭﻕ ﺟﺴﺪًﺍ ﻛﻠﻪ ﺣﺐٌّ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ"، ﻭﻟﻘﺎﻟﺖ ﻟﻚ ﺃﻇﺎﻓﺮﻙ: "ﻳﻌﺰُّ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﻋﻦ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﺘﻼﻕ". ﻛﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﺎﺱٍ ﺇﺫﺍﻗﻠَّﻤﻮﺍ ﺃﻇﺎﻓﺮﻫﻢ ﺣﺰﻧﺖ ﺍﻷﻇﺎﻓﺮ ﻭﺍﻟﻌﻜﺲ ﻟﻤﻦ ﺗﺠﺮّﺩﻭﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ. ﻓﻜﻦ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺣﺐٍ ﻭﻫﻴﺎﻡٍ ﻭﺷﻮﻕٍ ﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ.
ﺃﻭَ ﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎﻫﻮ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ؟ ﻣﻊ ﺃﻥ ﺣﺒﻨﺎ ﻻ ﺷﺊ، ﻟﻜﻦ ﺃﻭَ ﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻫﻮﺍﻟﺠﺰﺍﺀ؟ ﺍﻟﺠﺰﺍﺀ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺣﺎﻟﻚ تكون ﺃﻧﺖ ﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ! ﺃﻭَ ﺭﺃﻳﺖ؟ (ﻭﺍﺷﻮﻗﻲ ﺇﻟﻰ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ، ﺃﻭَﻟﺴﻨﺎ ﺇﺧﻮﺍﻧﻚ؟ ﺃﻧﺘﻢ ﺃﺻﺤﺎﺑﻲ، ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺁﻣﻨﻮﺍ ﺑﻲ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﻭﻧﻲ ﻭﻳﺘﻤﻨﻰ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﺃﻥ ﻟﻮ ﺭﺃﻧﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ)[3] ﺃﻭَ ﺭﺃﻳﺖ؟! ﺇﺫﺍ ﻛﻨﺖ َﻛﻠﻚ ﺷﻮﻕٌ ﻓﺄﻧﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ، ﺃﻧﺖ ﻣﺤﺒﻮﺏٌ ﻫﻨﺎﻙ، ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻦ؟ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ! ﻭﻣﺎ ﺃﺩﺭﺍﻙ ﻣﺎ ﻗﻠﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ ! ﺃﻭَ ﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻗﻠﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪﷺ؟! ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻣﻦ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ. ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﺣﻴﺚ ﺗﺠﻠﻲ ﺍﻟﻠﻪ! ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﺣﻴﺚ ﺍﻹﻧﻔﺘﺎﺡ ﻋﻠﻰ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﻠﻪ! ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﻫﻨﺎﻙ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﺿﻰ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭَﺭﺃﻳﺖ؟! ﻛﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﺷﻮﻕٍ، ﻛﻦ ﻛﻠﻚ ﻣﺤﺒﺔ، ﺣﺐ ﺑﺎﻟﻘﻠﺐ ﺣﺘﻰ يؤثر ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ، ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻛﻠﻚ ﻗﻠﺒًﺎ ﻣﺤﺒًﺎ ﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ. ﻭﺍﻋﻠﻤﻦ ﺇﻥ ﻭﺻﻠﺖَ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻣﺎ ﻓﻴﻚ ﻣﻦ ﺫﺭﺓ ﺇﻻ ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ ﺇﻥ ﻋﻠﻤﺖَ ﺃﻭ ﻟﻢ ﺗﻌﻠﻢ، ﺇﻥ ﺳﻤﻌﺖَ ﺃﻭ ﻟﻢﺗﺴﻤﻊ، ﺇﻥ ﺃﺩﺭﻛﺖَ ﺃﻭ ﻟﻢ ﺗﺪﺭﻙ.ﺇﺫًﺍ ﻗﻞ: (ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﺣﺒﻴﺒﻲ، ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﻱ، ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ ﺇﻟﻴﻚ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ). ﺃﻭَ ﺭﺃﻳﺖ؟! ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺃﻧﺖ ﺗﻘﻮﻝ ﻭﺍ ﺷﻮﻗﺎﻩ ﻭﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﻳﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ ﻭﻟﻚ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﷺ ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ، ﻭﻟﻚ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﷺ ﻭﺍﺷﻮﻗﺎﻩ، ﺇﺫًﺍ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻭﺗُﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻧﻪ، ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻫﺬﺍ ﻭﺫُﻛﺮ ﻓﻲ ﻟﺴﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﷺ ﻫﻮ ﻣﺬﻛﻮﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻭَﺭﺃﻳﺖ؟!
العارف بالله تعالى فضيلة الشيخ عبد الرحيم الركيني
ـــــــــــــــــــــ
[1] أخرجه البخاري.
[2] أخرجه البخاري ومسلم.
[3] أخرجه مسلم، والطبراني والإمام أحمد وابن عبد البر في الاستذكار وأبو يعلى وأبو الشيخ غيرهم وله ألفاظ منها:
"من أشد أمتي حبا لي ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بماله وأهله" ،"إن ناسا من أمتي يأتون من بعدي، يود أحدهم أن يشتري رؤيتي بأهله وماله"، "وددت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد"، "متى ألقى إخوانى قالوا ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابى وإخوانى الذين آمنوا بى ولم يرونى، أنا إليهم بالأشواق"، "يا عمر! إني لمشتاق إلى إخواني. قال عمر: ألسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم أصحابي وإخواني قوم آمنوا بي ولم يروني".