من المسائل التي يكثر الغلط فيها مسألة علم الغيب. والعلم ينقسم إلى قسمين أساسيين:
(1)علم الغيب: هو علم ما غاب واستتر. (2) وعلم الشهادة هو علم ما حضر وظهر.
والمولى عز وجل هو العليم الحكيم، لا عالم على الحقيقة سواه، هو عالم الغيب والشهادة، فلا أحد يعلم علمًا في غيب أو شهادة إلا بمشيئته سبحانه وتعالى، لقوله تعالى: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء).
نبدأ بعلم الشهادة:
هو العلم الظاهر العادي المعروف لدينا. فكل شيء علمناه من هذه العلوم الظاهره مرده إلى الله تبارك وتعالى القائل في كتابه العزيز: (عَلَّمَ الإنسان ما لم يعلم). فهناك علوم أودعها الله في الإنسان يخرج إلى الدنيا وهي علوم الفطرة، كعرفة الرضيع أمه وثديها وطريقة الرضاعة، والخوف من بعض المخاطر، فإذا خوفت الرضيع خاف وبكى.
وهناك علوم يتعلمها بالاستنتاج والاستنباط، فإذا كذب عليك شخص مرتين استنتجت أنه كذاب، وإذا انقطع التيار الكهربائي ثلاث مرات في الأسبوع في يوم محدد عرفت أن هناك برمجة للقطوعات، إذا جمعت واحد إلى اثنين استنتجت كيف يكون الجمع وهكذا. فالله تعالى أوجد في الدماغ البشري القدرة على التحليل والاستنتاج والاستنباط ومقايسة الأمور، وهذا في كل مرة يؤدي إلى استخراج علوم جديدة ومعارف جديدة. الفرق بين العلم والمعرفة هو أن المعرفة أكثر يقينًا من العلم، فإذا قلنا إن فلانًا يعلم الشيء الكذا فإنه يدري به أما إذا قلنا أنه يعرفه أي هو عالم به مجرب له ومتقن.
ثم نأتي لعلم الغيب:
هو العلم المستتر، واستتار الأشياء لا يعني أنها عدم غير موجودة، فكوننا لا نرى موجات الراديو والتلفزيون لا يعني أنها غير موجودة، وكوننا لا نبصر الذرة ومكوناتها الدقيقة فإن ذلك لا يعني عدمها. وكذلك كونك تجهل أمورًا كثيرة فهذا لا يعني عدم وجودها، كعالم الملائكة والجن مثلًا، لذلك أقسم الله تبارك وتعالى بكليهما فقال: (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون).
علم الغيب هو الأصل وعلم الشهادة هو الفرع، لأن أصل العلم كله عند الله تبارك وتعالى غائب علينا إلا ما أظهره الله تعالى لنا، لذلك تجد في القرءان أن الغيب دائمًا مقدم على الشهادة.
والغيب غيبان: غيب مطلق وهذا لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى حيث قال: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)، أي لا يعلم الغيب حقيقة إلا الله تبارك وتعالى. وغيب مقيد وهو ما أطلع الله تبارك وتعالى عليه بعض خلقه، فهو صار شهادة للبعض وإن كان غيبًا لبعض الخق. فمثلًا عندما يأمر الحق سبحانه ملك الموت بقبض روح فلان، فإن العلم بأن أجل فلان قد حل صار من علم الشهادة لملك الموت، ولكنه علم غيب لمن سيموت، إلا أن يطلعه الله على ذلك رؤيا أو إلهام أو نحوهما.
هناك مخلوقات كثيرة علمها المولى عز وجل من علم غيبه المكنون، وبذلك يكون ما تعلمه قد خرج من الغيب المطلق إلى الغيب المقيد، وأولهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا عن كل شيء إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ومنهم اللوح والقلم إذ قال له الله تبارك وتعالى إجر بما هو كائن إلى يوم القيامة، ومنهم ملك الموت وجنوده، وملك الرزق ميكائيل عليه السلام، وملك الأرحام الذي يكتب الأجل والرزق وشقي أم سعيد وغير ذلك من الملائكة. ومنهم الأنبياء والرسل، حيث أن النبوة أصلها من الإنباء والإخبار عن الله تبارك وتعالى، فكل نبي منبأ ومخبر عن الله عز وجل من الغيوب ما ليس عند قومه. ومنهم الأولياء والصالحون الذين خصهم الله تبارك وتعالى بعلوم غيب لم يخص بها غيرهم فمنهم من يرى ما في اللوح المحفوظ ومنهم ما يرى في المنام ومنهم ما يلهم إلهامًا وغير ذلك من طرق الكشف.
ثم نأتي لبيان ذلك، فأما علوم غيب الملائكة فمعلومة كما ذكرنا في مثال ملك الأرحام. وأما علوم الأنبياء والرسل فمعلومة بداهة من أصل معنى كلمة (نبي)، ومن كون أن رؤيا منام الأنبياء حق، ومن الوحي عن طريق جبريل عليه السلام أو الملائكة بشكل عام، ولقوله تبارك وتعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول)، وقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) وقوله تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك) ومن خلال كل الأحاديث التي دلت على أن المولى عز وجل أودع النبي صلى الله عليه وسلم من الغيب ما لم يودعه أحدًا غيره، فقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى) فلا يمكن أن يقدِّر الزمن بينهما ما لم يكن الله تعالى قد أطلعه عليها. وكذلك روى البخاري في صحيحه عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنا عن بدء الخلق إلى أن دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه) هل ترك شيئًا؟
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكشف من الغيب الذي أطلعه الله عليه حسب الحاجة، ولذلك عندما كان في فراش الموت وبعد أن ألمح إلى الصحابة بدنو أجله، أسر للسيدة فاطمة عليها السلام بأنه منتقل إلى الرفيق الأعلى فبكت، فأدناها وأسر إليها بأنها أول اللاحقين به فضحكت عليها السلام. وغير ذلك كثير لا يحصى ولا يعد.
أما علوم غيب الأولياء والصالحين فثابتة بالإلهام كما في قوله تعالى: (إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى) وقوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)، فمريم عليها السلام وأم موسى رضي الله عنه نساء صالحات لسن نبيات ولا مرسلات، ولكن الوحي هنا بمعنى الإلهام، وهو أن يلقي الله في قلوب أهل التقوى والصلاح ما شاء من العلوم. وكذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم مُحَدَّثُون، فإن يكُ في أمتي أحدٌ فإنه عمر)، لذلك فإن سيدنا عمر رضي الله عنه عندما كان جيش المسلمين على مسيرة شهر في الشام، علم بوضعهم العسكري وهذا غيب لا محالة، وأرشدهم إلى كيفية التعامل مع العدو حتى انتصروا، فقد بعث رضي الله عنه سرية فاستعمل عليهم رجلاً يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب الناس يومًا قال: فجعل يصيح وهو على المنبر: (يا سارية الجبل، يا سارية الجبل)، قال فقَدِمَ رسول الجيش، فسأله فقال: (يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهَزَمَنا، فإذا بصائح يصيح: "يا سارية الجبل"، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله). أخرجه الإمام أحمد.
وأيضًا فإن رؤيا الرجل الصالح هي بضع من ست وأربعين جزءًا من النبوة كما جاء في الحديث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة).
وأيضًا بالكشف لمن سلك وترقى في مسالك الإيمان التقوى والصلاح وجهاد النفس، فقد أخرج بن حجر في المطالب العالية عن الحارث بن مالك الأنصاري رضي الله عنه إنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا حارث كيف أصبحت؟ ) قال: (أصبحت مؤمنا حقًا). قال صلى الله عليه وسلم: (انظر ما تقول، إن لكل شيء حقيقة، فما حقيقتك؟) قال: (ألستُ قد عزفت الدنيا عن نفسي، وأظمأتُ نهاري، وأسهرتُ ليلي، كأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغَون فيها -يعني يصيحون- قال صلى الله عليه وسلم: (يا حارث، عرفت فالزم) ثلاث مرات.
بل وإن الحشرات تلهم من الله تعالى كما أوحى الله تبارك وتعالى إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يعرشون.
وهذا ما كان من تفصيل علم الغيب والشهادة، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وجزى الله عني أستاذي وشيخي وإمامي أبونا الشيخ عبد الرحيم الركيني على ما علمني خير الجزاء.
(1)علم الغيب: هو علم ما غاب واستتر. (2) وعلم الشهادة هو علم ما حضر وظهر.
والمولى عز وجل هو العليم الحكيم، لا عالم على الحقيقة سواه، هو عالم الغيب والشهادة، فلا أحد يعلم علمًا في غيب أو شهادة إلا بمشيئته سبحانه وتعالى، لقوله تعالى: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء).
نبدأ بعلم الشهادة:
هو العلم الظاهر العادي المعروف لدينا. فكل شيء علمناه من هذه العلوم الظاهره مرده إلى الله تبارك وتعالى القائل في كتابه العزيز: (عَلَّمَ الإنسان ما لم يعلم). فهناك علوم أودعها الله في الإنسان يخرج إلى الدنيا وهي علوم الفطرة، كعرفة الرضيع أمه وثديها وطريقة الرضاعة، والخوف من بعض المخاطر، فإذا خوفت الرضيع خاف وبكى.
وهناك علوم يتعلمها بالاستنتاج والاستنباط، فإذا كذب عليك شخص مرتين استنتجت أنه كذاب، وإذا انقطع التيار الكهربائي ثلاث مرات في الأسبوع في يوم محدد عرفت أن هناك برمجة للقطوعات، إذا جمعت واحد إلى اثنين استنتجت كيف يكون الجمع وهكذا. فالله تعالى أوجد في الدماغ البشري القدرة على التحليل والاستنتاج والاستنباط ومقايسة الأمور، وهذا في كل مرة يؤدي إلى استخراج علوم جديدة ومعارف جديدة. الفرق بين العلم والمعرفة هو أن المعرفة أكثر يقينًا من العلم، فإذا قلنا إن فلانًا يعلم الشيء الكذا فإنه يدري به أما إذا قلنا أنه يعرفه أي هو عالم به مجرب له ومتقن.
ثم نأتي لعلم الغيب:
هو العلم المستتر، واستتار الأشياء لا يعني أنها عدم غير موجودة، فكوننا لا نرى موجات الراديو والتلفزيون لا يعني أنها غير موجودة، وكوننا لا نبصر الذرة ومكوناتها الدقيقة فإن ذلك لا يعني عدمها. وكذلك كونك تجهل أمورًا كثيرة فهذا لا يعني عدم وجودها، كعالم الملائكة والجن مثلًا، لذلك أقسم الله تبارك وتعالى بكليهما فقال: (فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون).
علم الغيب هو الأصل وعلم الشهادة هو الفرع، لأن أصل العلم كله عند الله تبارك وتعالى غائب علينا إلا ما أظهره الله تعالى لنا، لذلك تجد في القرءان أن الغيب دائمًا مقدم على الشهادة.
والغيب غيبان: غيب مطلق وهذا لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى حيث قال: (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله)، أي لا يعلم الغيب حقيقة إلا الله تبارك وتعالى. وغيب مقيد وهو ما أطلع الله تبارك وتعالى عليه بعض خلقه، فهو صار شهادة للبعض وإن كان غيبًا لبعض الخق. فمثلًا عندما يأمر الحق سبحانه ملك الموت بقبض روح فلان، فإن العلم بأن أجل فلان قد حل صار من علم الشهادة لملك الموت، ولكنه علم غيب لمن سيموت، إلا أن يطلعه الله على ذلك رؤيا أو إلهام أو نحوهما.
هناك مخلوقات كثيرة علمها المولى عز وجل من علم غيبه المكنون، وبذلك يكون ما تعلمه قد خرج من الغيب المطلق إلى الغيب المقيد، وأولهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا عن كل شيء إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ومنهم اللوح والقلم إذ قال له الله تبارك وتعالى إجر بما هو كائن إلى يوم القيامة، ومنهم ملك الموت وجنوده، وملك الرزق ميكائيل عليه السلام، وملك الأرحام الذي يكتب الأجل والرزق وشقي أم سعيد وغير ذلك من الملائكة. ومنهم الأنبياء والرسل، حيث أن النبوة أصلها من الإنباء والإخبار عن الله تبارك وتعالى، فكل نبي منبأ ومخبر عن الله عز وجل من الغيوب ما ليس عند قومه. ومنهم الأولياء والصالحون الذين خصهم الله تبارك وتعالى بعلوم غيب لم يخص بها غيرهم فمنهم من يرى ما في اللوح المحفوظ ومنهم ما يرى في المنام ومنهم ما يلهم إلهامًا وغير ذلك من طرق الكشف.
ثم نأتي لبيان ذلك، فأما علوم غيب الملائكة فمعلومة كما ذكرنا في مثال ملك الأرحام. وأما علوم الأنبياء والرسل فمعلومة بداهة من أصل معنى كلمة (نبي)، ومن كون أن رؤيا منام الأنبياء حق، ومن الوحي عن طريق جبريل عليه السلام أو الملائكة بشكل عام، ولقوله تبارك وتعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول)، وقوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك) وقوله تعالى: (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك) ومن خلال كل الأحاديث التي دلت على أن المولى عز وجل أودع النبي صلى الله عليه وسلم من الغيب ما لم يودعه أحدًا غيره، فقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري ومسلم: (بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى) فلا يمكن أن يقدِّر الزمن بينهما ما لم يكن الله تعالى قد أطلعه عليها. وكذلك روى البخاري في صحيحه عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال: (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنا عن بدء الخلق إلى أن دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه) هل ترك شيئًا؟
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكشف من الغيب الذي أطلعه الله عليه حسب الحاجة، ولذلك عندما كان في فراش الموت وبعد أن ألمح إلى الصحابة بدنو أجله، أسر للسيدة فاطمة عليها السلام بأنه منتقل إلى الرفيق الأعلى فبكت، فأدناها وأسر إليها بأنها أول اللاحقين به فضحكت عليها السلام. وغير ذلك كثير لا يحصى ولا يعد.
أما علوم غيب الأولياء والصالحين فثابتة بالإلهام كما في قوله تعالى: (إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى) وقوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفتِ عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)، فمريم عليها السلام وأم موسى رضي الله عنه نساء صالحات لسن نبيات ولا مرسلات، ولكن الوحي هنا بمعنى الإلهام، وهو أن يلقي الله في قلوب أهل التقوى والصلاح ما شاء من العلوم. وكذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم مُحَدَّثُون، فإن يكُ في أمتي أحدٌ فإنه عمر)، لذلك فإن سيدنا عمر رضي الله عنه عندما كان جيش المسلمين على مسيرة شهر في الشام، علم بوضعهم العسكري وهذا غيب لا محالة، وأرشدهم إلى كيفية التعامل مع العدو حتى انتصروا، فقد بعث رضي الله عنه سرية فاستعمل عليهم رجلاً يدعى سارية، قال: فبينا عمر يخطب الناس يومًا قال: فجعل يصيح وهو على المنبر: (يا سارية الجبل، يا سارية الجبل)، قال فقَدِمَ رسول الجيش، فسأله فقال: (يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهَزَمَنا، فإذا بصائح يصيح: "يا سارية الجبل"، فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله). أخرجه الإمام أحمد.
وأيضًا فإن رؤيا الرجل الصالح هي بضع من ست وأربعين جزءًا من النبوة كما جاء في الحديث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: (لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة).
وأيضًا بالكشف لمن سلك وترقى في مسالك الإيمان التقوى والصلاح وجهاد النفس، فقد أخرج بن حجر في المطالب العالية عن الحارث بن مالك الأنصاري رضي الله عنه إنه مر برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا حارث كيف أصبحت؟ ) قال: (أصبحت مؤمنا حقًا). قال صلى الله عليه وسلم: (انظر ما تقول، إن لكل شيء حقيقة، فما حقيقتك؟) قال: (ألستُ قد عزفت الدنيا عن نفسي، وأظمأتُ نهاري، وأسهرتُ ليلي، كأني أنظر إلى عرش ربي بارزًا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتضاغَون فيها -يعني يصيحون- قال صلى الله عليه وسلم: (يا حارث، عرفت فالزم) ثلاث مرات.
بل وإن الحشرات تلهم من الله تعالى كما أوحى الله تبارك وتعالى إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتًا ومن الشجر ومما يعرشون.
وهذا ما كان من تفصيل علم الغيب والشهادة، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وجزى الله عني أستاذي وشيخي وإمامي أبونا الشيخ عبد الرحيم الركيني على ما علمني خير الجزاء.