الأحد، 9 أغسطس 2015

المساواة بين الرجل والمرأة في لعب الأدوار

إذا قيل لك إننا اكتشفنا أن هناك رجال لهم براعة كبيرة في الطبخ وتطريز الثياب! فهل سيكون هذا كافياً لأن ندعو المجتمع إلى إعطاء الرجال مساحة أكبر في الطبخ والتطريز!؟ (حا ينط واحد يقول ليك: الرجال ديل نحن عايزنهم في محل حوبتهم، في القوات المسلحة، في البناء والتعمير، في إدارة شئون العباد البلاد، حيث يتطلب الأمر القوة والصلابة والصبر والتضحية وحسن التدبير وتحمل المسئولية، لأن هذا هو الذي يليق بتكوينهم وقدراتهم التي فطرهم الله عز وجل عليها. وذلك لا يعني بالضرورة أنهم لا يجيدون أموراً أخرى تجيدها النساء، والعكس صحيح أيضاً، لكن ليس من حاجة إلى ترك الأولى. عندما نفسح للمرأة أن تزاحم الرجل في دوره الأصيل تكويناً وتترك دورها الأصيل تكويناً فإننا نظلم أنفسنا ظلماً يوشك أن يهلكنا. وعندما أنظر اليوم إلى التحديات الاجتماعية الجسيمة التي يعانيها الشباب من فراغ، وشح تربية، وغياب موجه ومتابع، وخواء ذهن شاباتٍ في أيامنا هذه من الحشمة والعفة في السر والعلن وغير ذلك من العلل، أدرك أهمية قيام المرأة بدورها الأصيل، وأنها عندما تغيب وتتقاعس عن دورها فإن كل المجتمع يهتز ويتصدع في زمن وجيز.
لا أظن أن تطور الحياة هو أن يصبح الرجل مربياً في البيت والمرأة متكسبة في الخارج، بل إن تطور حياتنا أن يطور كل جنس منهما ما يعزز دوره ويجوده. وقد يبدو كلامي هذا غريباً للبعض، ممن يخلطون في شأن الذكر والأنثى بين المساواة والعدالة. ليست هناك مساواة دائمة في الأساس بين الذكر والذكر ناهيك عن بين الذكر والأنثى كما يقول أبونا الشيخ رضي الله عنه، فالتفضيل في الدنيا والآخرة موجود، لكن الذي يجب أن يكون دائماً في حياة الناس ذكوراً وإناثاً لا يغيب عن حياتهم هو العدل. والعدل أن يقوم الكل بالدور المنوط منه واللائق مع تكوينه وقدراته.
والكلام ربما بدا غريباً على البعض لأن مجتمعاتنا الآن تعيش واقعاً خطأً، إنها الآن تعيش على هيئة مخالفة لما يريد لها مولاها عز وجل فيما فهمت أنا، ولذلك فإن النظر إلى هذه المجتمعات بمعزل عن الإنتباه إلى هذا الواقع الخطأ يوصل إلى فهم خطأ. إن التصور الملائم والحكيم والذي أنتج حضارة الإسلام في الصدر الأول أن الرجل يتكسب ويحمي المكتسبات والمرأة تدير البيت وتربي الأولاد، وإلى عهد قريب فإننا كنا نعيب على الرجل العاطل في بيته مع النساء ولا يعمل، ونعيب على المرأة الحوامة التي لا تقر في بيتها. لكن الآن الواقع صار عكس ذلك، الشباب عطالى في الحلة، والفتيات في كل مكان إلا البيت، إلا ما رحم ربي. كلنا نعرف إن الإسلام ندب للمرأة أن تصلي في بيتها إلا في الضرورة -كأجل أن ترفع جهلها بالتعلم أو أن تستيقظ من غفلة ونحو ذلك-  وندب للرجل أن يسعى في رزقه: من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له أو كما قال صلى الله عليه وسلم، هذا هو التصور الطبيعي الذي ينبغي أن يكون عليه المجتمع المسلم، وهو الذي يجب أن نسعى إلى أن نستعيده مرة أخرى بعد أن غسلت الأدمغة بالثقافات الغربية الفاشلة في أمر الأسرة أساساً.
في هذا الواقع الذي نعيش اليوم، تفريط في دور المرأة تحت مسميات وهمية وخداعة، تفريط يضيع النشء ذكوراً وإناثا، تفريط في حقوق الزوج والوالدين والأقربين، تفريط يضعف صلابة المجتمع،  ويفتح أبواب الفواحش بالاختلاط غير المنضبط بضوابط الشرع، ولم أعد أعني بالاختلاط اختلاط الظاهر، بل اختلاط وسائل الاتصال الحديثة وخلواتها، ومن اقترب من الفحشاء أوشك أن يقع فيها إلا من سلم الله عز وجل.
وإني لأدعو الجميع إلى التفكر في أمر كثرة النساء في الطرقات وفي كل مكان وفراغ البيوت منهن، وفي ما شغل به الشباب نفسه في شبكات التواصل الاجتماعي، إلى الصور التي يتبادلونها ويضعونها في بروفايلاتهم، إلى ما يكتبون، إلى الهواتف النقالة وما يقال فيها، وغير ذلك من أشكال التحديات الاجتماعية.
نسأل المولى عز وجل السلامة، ويردنا إلى الحق رداً جميلاً، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.