إن توجه المسلمين إلى الكعبة الشريفة في مكة بالطبع ليس لأن المسلمين يعبدون الأحجار، وبالطبع ليس لأن الله تبارك وتعالى موجود في الكعبة، ولكن لإن الإنسان لا يستغني عن الجهة. فالإنسان بخلقته لا يستغني عن الهواء، ولا الطعام ولا الشراب ولا غيرها من الحاجات التي خلق لا يستغني عليها، كذلك فإنه لا يستغني عن الجهة لأنه خلق في حيز المكان. لذلك فإن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة للصلاة فقال: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) مع أنه قال: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم).
إن الله تبارك وتعالى هو الغني الحميد، لكنه مع ذلك خلق السموات والأرض والجنة والنار والسدرة واللوح والقلم والكرسي، والعرش لحاجة خلقه من الملائكة والإنس والجن وسائر الدواب والأشياء لا لحاجته هو، فهم يحتاجون ذلك. وخلق العرش ليكون قبلة للأعمال والدعاء ومكانًا للملأ الأعلى، وكان على العرش تجليه على النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج.
إن التجلي لا يعني الحلول، فعندما ترى صورة شخص على التلفاز فإنك لو فتحت التلفاز من الداخل لن تجده، وعندما ترى صورتك مثلًا على المرآة فإنك لم تحلَّ فيها ولو حللنا مكونات مادة المرآة لن نجد ذاتك فيها. لذلك فإن التجلي يعني الظهور لا الحلول، والله تبارك وتعالى يظهر حيث يشاء، من غير أن يحلَّ فيه. لذلك عندما طلب سيدنا موسى عليه السلام الرؤية قال له الحق: (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) وما أن تجلى وظهر الحق سبحانه للجبل حتى تدكدك: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا وخر موسى صعقًا)
لذلك فإننا عندما نتوجه إلى أعلى، وبفطرتنا إلى السماء، وعندما نطالع نصوص الكتاب والسنة التي تشير إلى السماء وإلى العلو فليس لأنه الله تبارك وتعالى موجود بذاته في السماء، ولكن لكن السماء هي قبلتنا التي نتوجه بها إلى الله تبارك وتعالى ونسأله، ومنها تأينا رحمته، ومنها كان ينزل جبريل عليه السلام بالوحي، ومنها تنزل الملائكة وتعرج. إن أمر الله ورحمته وبأسه وشؤونه تأنينا من السماء. السماء شيء نسبي ولذلك لأن الأرض كروية فإن الذي في السودان إذا أشار إلى أعلى يشير إلى أسفل الذي يسكن في الجهة المقابلة له من الكرة الأرضية، لكنه اتجاه مجاز في حق المولى سبحانه وتعالى، لذلك قال الحافظ في مسألة النزول: (أي ينزل أمره ورحمته أو ملائكته وهذا تأويل الإمام مالك وغيره ويدل له الحديث الصحيح: "أن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له")
وقال أيضًا: (فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السُّنّة من الـخَلَف، أنّ اللهَ منزّهٌ عن الحركة والتحوّل والحلول، ليس كمثله شىءٌ)، فتح الباري في شرح صحيح البخاري.
إن الله تبارك وتعالى خلق المكان ولم يكن شيء معه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شىءٌ غيره) رواه البخاري والبيهقي، لذلك فإن الله منزه عن المكان والجهة والحيز، ولا يوصف بقرب أو بعد اللهم إلا معانٍ مجازية كقوله تبارك وتعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ليس قربًا مكانيًا وإنما قرب قدرة وقهر وجبروت، وكذلك قوله: (وهو العلي العظيم) قال الطبري في التفسير: (والعلي: ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته.)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد) ليس قرب حس ومسافة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، قال الشوكاني: (من ربه) أي من رحمة ربه وفضله.
إذًا فكل نصوص الكتاب والسنة التي توهم الجهة فإنها غير مقصودة حقيقة لأن القرءان الكريم لا يتعارض ولا يتناقض، ولا نفهم من قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء) أنه هو الله تبارك وتعالى في السماء بذاته، حاشاه، كيف يكون في السماء وهو يقول تبارك وتعالى: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب)؟ كيف يكون فيها وهو يقول: (والسموات مطويات بيمينه)؟ كيف يكون فيها وهو يقول: (وهو الله في السموات وفي الأرض)؟
من في السماء هو أمره وعزه وسلطانه وملأه الأعلى، وهو جبريل عليه السلام الموكل بالعذاب والخسف والزلازل الذي يسكن وسط سدرة المنتهى. قال القرطبي:
(وقال المحققون: أمنتم من فوق السماء، كقوله: فسيحوا في الأرض أي فوقها، لا بالمماسة والتحيز لكن بالقهر والتدبير. وقيل: معناه أمنتم من على السماء، كقوله تعالى: ولأصلبنكم في جذوع النخل أي عليها. ومعناه أنه مديرها ومالكها كما يقال: فلان على العراق والحجاز أي واليها وأميرها. والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة مشيرة إلى العلو، لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند. والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت. ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي، ومنزل القطر، ومحل القدس، ومعدن المطهرين من الملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزما، ولا مكان له ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان) أهـ
وقال الشوكاني في فتح القدير: (قال الواحدي قال المفسرون: يعني عقوبة من في السماء، وقيل: من في السماء قدرته وسلطانه وعرشه وملائكته، وقيل: من في السماء من الملائكة، وقيل: المراد جبريل، ومعنى أن يخسف بكم الأرض يقلعها ملتبسة بكم كما فعل بقارون بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون في مناكبها" أهـ
إن الله تبارك وتعالى هو الغني الحميد، لكنه مع ذلك خلق السموات والأرض والجنة والنار والسدرة واللوح والقلم والكرسي، والعرش لحاجة خلقه من الملائكة والإنس والجن وسائر الدواب والأشياء لا لحاجته هو، فهم يحتاجون ذلك. وخلق العرش ليكون قبلة للأعمال والدعاء ومكانًا للملأ الأعلى، وكان على العرش تجليه على النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج.
إن التجلي لا يعني الحلول، فعندما ترى صورة شخص على التلفاز فإنك لو فتحت التلفاز من الداخل لن تجده، وعندما ترى صورتك مثلًا على المرآة فإنك لم تحلَّ فيها ولو حللنا مكونات مادة المرآة لن نجد ذاتك فيها. لذلك فإن التجلي يعني الظهور لا الحلول، والله تبارك وتعالى يظهر حيث يشاء، من غير أن يحلَّ فيه. لذلك عندما طلب سيدنا موسى عليه السلام الرؤية قال له الحق: (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني) وما أن تجلى وظهر الحق سبحانه للجبل حتى تدكدك: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا وخر موسى صعقًا)
لذلك فإننا عندما نتوجه إلى أعلى، وبفطرتنا إلى السماء، وعندما نطالع نصوص الكتاب والسنة التي تشير إلى السماء وإلى العلو فليس لأنه الله تبارك وتعالى موجود بذاته في السماء، ولكن لكن السماء هي قبلتنا التي نتوجه بها إلى الله تبارك وتعالى ونسأله، ومنها تأينا رحمته، ومنها كان ينزل جبريل عليه السلام بالوحي، ومنها تنزل الملائكة وتعرج. إن أمر الله ورحمته وبأسه وشؤونه تأنينا من السماء. السماء شيء نسبي ولذلك لأن الأرض كروية فإن الذي في السودان إذا أشار إلى أعلى يشير إلى أسفل الذي يسكن في الجهة المقابلة له من الكرة الأرضية، لكنه اتجاه مجاز في حق المولى سبحانه وتعالى، لذلك قال الحافظ في مسألة النزول: (أي ينزل أمره ورحمته أو ملائكته وهذا تأويل الإمام مالك وغيره ويدل له الحديث الصحيح: "أن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا ينادي فيقول هل من داع فيستجاب له")
وقال أيضًا: (فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السُّنّة من الـخَلَف، أنّ اللهَ منزّهٌ عن الحركة والتحوّل والحلول، ليس كمثله شىءٌ)، فتح الباري في شرح صحيح البخاري.
إن الله تبارك وتعالى خلق المكان ولم يكن شيء معه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كان الله ولم يكن شىءٌ غيره) رواه البخاري والبيهقي، لذلك فإن الله منزه عن المكان والجهة والحيز، ولا يوصف بقرب أو بعد اللهم إلا معانٍ مجازية كقوله تبارك وتعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ليس قربًا مكانيًا وإنما قرب قدرة وقهر وجبروت، وكذلك قوله: (وهو العلي العظيم) قال الطبري في التفسير: (والعلي: ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته.)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد) ليس قرب حس ومسافة، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، قال الشوكاني: (من ربه) أي من رحمة ربه وفضله.
إذًا فكل نصوص الكتاب والسنة التي توهم الجهة فإنها غير مقصودة حقيقة لأن القرءان الكريم لا يتعارض ولا يتناقض، ولا نفهم من قوله تعالى: (أأمنتم من في السماء) أنه هو الله تبارك وتعالى في السماء بذاته، حاشاه، كيف يكون في السماء وهو يقول تبارك وتعالى: (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب)؟ كيف يكون فيها وهو يقول: (والسموات مطويات بيمينه)؟ كيف يكون فيها وهو يقول: (وهو الله في السموات وفي الأرض)؟
من في السماء هو أمره وعزه وسلطانه وملأه الأعلى، وهو جبريل عليه السلام الموكل بالعذاب والخسف والزلازل الذي يسكن وسط سدرة المنتهى. قال القرطبي:
(وقال المحققون: أمنتم من فوق السماء، كقوله: فسيحوا في الأرض أي فوقها، لا بالمماسة والتحيز لكن بالقهر والتدبير. وقيل: معناه أمنتم من على السماء، كقوله تعالى: ولأصلبنكم في جذوع النخل أي عليها. ومعناه أنه مديرها ومالكها كما يقال: فلان على العراق والحجاز أي واليها وأميرها. والأخبار في هذا الباب كثيرة صحيحة منتشرة مشيرة إلى العلو، لا يدفعها إلا ملحد أو جاهل معاند. والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت. ووصفه بالعلو والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي، ومنزل القطر، ومحل القدس، ومعدن المطهرين من الملائكة، وإليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته كما جعل الله الكعبة قبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزما، ولا مكان له ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان) أهـ
وقال الشوكاني في فتح القدير: (قال الواحدي قال المفسرون: يعني عقوبة من في السماء، وقيل: من في السماء قدرته وسلطانه وعرشه وملائكته، وقيل: من في السماء من الملائكة، وقيل: المراد جبريل، ومعنى أن يخسف بكم الأرض يقلعها ملتبسة بكم كما فعل بقارون بعد ما جعلها لكم ذلولا تمشون في مناكبها" أهـ