رضيتم أم أبيتم فهذا تأريخ مدوَّن. من له اعتراض فليأتِ بدليل مضاد. وفوق أن هذا الأمر تأريخ فإن الواقع يصدقه. المؤسف أن كثيراً من عوام المسلمين اتبعوهم عندما حسنوا ظنهم فيهم وحسبوا أنهم في دعوتهم صادقين، فنسأل الله العزيز الحكيم لنا ولهم الهداية والتوفيق والسداد.
أما من التاريخ فمن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان أهل الكتاب، قتلة الأنبياء، المشتهرون بالتجسيم، اليهود عليهم لعنة الله، الذين يرون أن الله جسم له جوارح ويجلس على كرسي، يتعب ويرتاح، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، من قبل البعثة كان أهل الكتاب يترصدون النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وارجعوا إلى كتب السير، ولكن الله خيب رجاهم. وبعث رسول الله بعناية الله عز وجل، وحورب في مكة، وهاجر إلى المدينة، فكادوا له، وحاولوا قتله، وتحالفوا من المشركين في غزوة الأحزاب، فخاب مسعاهم، ثم إنهم نافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهروا وساندوا المنافقين، فكان منهم خوارج نجد الذين منهم ذو الخويصرة التميمي النجدي لعنه الله، الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إعدل يا محمد فإنك لم تعدل! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل؟ فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب له -وفي رواية إن له أصحاباً- يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم! يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية! رواه أبو داود وابن ماجة والطبراني وأحمد وغيرهم.
سبحان الله! لم تشفع لهم قراءتهم للقرءان الكريم ولا ظاهر تدينهم لأن الدين في القلب والنفاق في القلب، لا علاقة للظاهر بذلك.
وسبحان الله تدبروا، كيف وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدد جغرافيا المكان وتنبأ بمستقبلهم الكريه، ففي رواية للإمام البخاري رضي الله عنه: (فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق، فقال: اتق الله يا محمد! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يطع الله إذا عصيتُ؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنوني، فسأله أحد من الصحابة قتله فمنعه فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من ضئضيئ هذا، أي في عقب هذا، قوماً يقرءون القرءان لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحاضر يشهد أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، بأسهم لا يشتد إلا على المسلمين وفي هذه النقطة وقفة.
وفي رواية للحاكم صححها شرط الشيخين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج من قبل المشرق قوم كأن هديهم هكذا، يقرءون القرءان لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون إليه، ووضع يده على صدره، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم). وفي رواية للحاكم أيضاً صححها على شرط الشيخين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتكم، وصيامه مع صيامهم، هم شرار الخلق والخليقة، يدعون إلى كتاب الله وليس منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم. قالوا: يا رسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق!!!) ثم انظر يرحمك الله فيسيما التحليق، أوَ عند من؟ قد أمر ابن عبد الله إحدى النساء أن تحلق رأسها فغلبته بالحجة، فقالت له إن الشعر زينة المرأة فإذا توجب عليها حلقه فإن على الرجل أن يحلق زينته وهي اللحية، فبهت.
وحتى لا يقال أن ذلك كان فيما مضى، يرحمك الله، فإن المعصوم صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً إلا وأخبر به إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وفي صحيح البخاري قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فإينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)
فلا يغترن أحد كما روى الحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين: (إن أقواماً من أمتي أشِدَّةٌ ذَلِقَةٌ ألسنتهم بالقرءان، لا يجاوز تراقيهم)، أي فصيحين بالقرءان يحسبهم الجاهل علماء، فلا يغترن أحد بقراء القرءان، ولا بالمتشدقين كثي اللحى مظهري حسن الصلوات أو الصيام أو الدعوة إلى كتاب الله عز وجل المتفوهين بكلام سيد البرية صلى الله عليه وسلم، فإن كل ذلك لا يمحو النفاق قلوبهم، ولا يزيل أنهم دسيسة اليهود لهدم الدين من داخله، ولتمزيق المسلمين وإغراء العداوات بينهم وتفتيتهم.
ثم استمر الكيد إلى أن حاولوا قتل الحبيب صلى الله عليه وسلم بالشاة المسمومة، ثم انتقل الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وظهر المرتدون وطمعوا في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوَ تدرون من أول من ارتد؟ وليته ارتد وحسب بل إدعى النبوة والعياذ بالله، كان مسيلمة الكذاب، الذي كان مؤذنه في مسجده يشهد ألا إلا الله وأن مسيلمة الكذاب رسول الله!!! أو تدرون من أين مسيلمة الكذاب هذا؟ من بني حنيفة في اليمامة بنجد!!! أوَ تدرون من هم بنو حنيفة؟ وأين نجد اليوم؟ حاضرتها الرياض.
واستمرت محاولات تفتيت المسلمين، كلها في الخفاء، فكانت الفتن تترى كقطع الليل المظلم، وقتل الخلفاء الراشدون، وظهر الخوارج الروافض، وكثر القتل في المسلمين، وكلها كانت لمصلحة طرف واحد هم اليهود لعنهم الله، الذين أخرجوا من جزيرة العرب بفعالهم الشنيعة، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. فبعد أن هزموا لعنهم الله وأخرجوا من جزيرة العرب عرفوا أنهم لن ينجحوا في النيل من الإسلام بالعلن وبالظاهر، بل يتوجب عليهم أن يحاربوا الإسلام بالوكالة والخيانة، بالنفاق، ليس حرباً ظاهرة بل حرب خفية. فكان أن ناصروا كل عدو للإسلام، وأيقظوا كل فتنة، واستخدموا خبراتهم التحريفية في تحريف مراجع الدين. لم يستطيعوا أن يحرفوا القرءان الكريم لأنه محفوظ من الله عز وجل لكنهم دسوا الإسرائيليات في تفاسيره، وحرفوا كثيراً من مراجع الدين خاصة في علم الحديث، فأخفوا أحاديث ووضعوا أحاديث وضعفوا أحاديث، وله أساليب معروفة لا يتسع المجال لذكرها، لكن يكفي النظر في حديث: (استسق لقومك فإنهم هلكوا)، وكيف أن أبا صالح ضعفوه وهو ثقة.
إلى أن جاء العصر الحديث، واليهود في الشتات والتيه، يبحثون عن وطن. واستطاعوا أن يذوبوا في المجتمعات الغربية وأن يجندونها لخدمة مصالحهم، بالتمسكن إلى التمكن، تارة بالمال وتارة بالإعلام: "وجعلناكم أكثر نفيراً"، فكان لهم ما أرادوا، فتقدمت عنهم بريطانيا للإجهاز على دولة الخلافة الإسلامية التي كانوا ينظرون إليها كإمبراطورية عثمانية، تقدمت بريطانيا بعد أن أن نهشوا جسد دولة الخلافة. كل كتب التاريخ الحديث والوثائق في دور الوثائق المصرية والتركية وحتى كتاب أعمدة الحكمة السبعة للورانس تكشف تخطيط بريطانيا لقيام الثورة العربية على دولة الخلافة في تركيا، وأنها أنشأت لأجل المذاهب الضالة لتفريق المسلمين لتذهب ريحهم، فأنشأت القاديانية في الهند وما حولها، والبهائية والبابية في مصر وبعض دول جنوب شرف آسيا والوهابية في الجزيرة العربية. واستخدمت لأجل قيام هذه الثورة كل شيء من رِشى، وتسليح وإسناد وتغش وتدليس، فقتل الوهابية المسلمون في الأشهر الحرم، وفي لباس الإحرام وفي حدود الحرم الآمن. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، ارجع إلى فتنة الوهابية في كتاب تاريخ نجد.
ولاستحلال دم المسلمين كانوا ينزلون فيهم الآيات التي نزلت في المشركين فرموا أهل الفبلة بالشرك، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرءان حتى رئيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام غيَّره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك، المرمي أم الرامي؟ قال: بل الرامي). رواه ابن حبان في صحيحه وابن أبي عاصم في السنة. وعمت فتنتهم وطامتهم إلى اليوم، فلا تكاد تجد مسلماً قتل إلا وتجد أن سبب قتله ذا علاقة بالوهابية.
وسقطت دولة الخلافة وقامت على أنقاضها دولة إسرائيل، موطنا لليهود لعنهم الله. وتحالفت الوهابية كسلطة دينية مع السلطة السياسية لأهل المال في جزيرة العرب، يؤمنون لهم ملكهم ويفتكون لهم بأعدائهم، ويؤمنون اليهود من شر المسلمين. إن الناظر إلى الواقع الآن لا يكاد يخطئ السلام الناعم بين الوهابيين وبين اليهود، فما سر هذا السلام؟ سل نفسك. واستعن على الإجابة بما يلي:
- هل عادت الوهابية يوماً اليهود أو حاربتهم؟ لا ولن تجرؤ، بل قال شيخ لهم في السودان: مشكلتنا ما مع اليهود، مشكلتنا مع الصوفية. وهذه حقيقة. ليس لهم مشكلة مع اليهود، بل إن المملكة العربية السعودية منعت رسمياً أئمة المساجد لعن اليهود والنصارى في المنابر، وقد قرأت هذا القرار بأم عيني.
- هل قامت المملكة بدورها كبلد يتحضن قبلة المسلمين والحرمين الشريفين في تحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود الغاصبين؟ أو لتحرير أرض من أراضي المسلمين يحتلها اليهود؟ لن تفعل.
- أين تذهب أموال المسلمين، أموال النفط والحج والعمرة؟ أن يتم استثمارها؟ أليس الأولى أن يعود ريعها إلى المسلمين؟ إنها تذهب إلى إسرائيل؟ كيف!!!؟ عن طريق (السلة الأمريكية والأروبية). اللعبة بسيطة، وحتى لا يتنبه البسطاء والعوام، فإن أموال الخليج تستثمر في الولايات المتحدة وأروبا بواسطة الشركات ورجال الأعمال اليهود.إذاً فإن أموال المسلمين يستفيد منها اليهود ويستقوون بها على القضاء على الإسلام وتمزيق المسلمين وإفقارهم وقهرهم، ولو أن هذه الأموال ذهبت إلى المسلمين لكانوا قوة عظمى تجبر العالم على احترامها والوقوف عند حده.
- لماذا يغضب الوهابية عندما يزور أحد علماء المسلمين القدس، فيتهمونه بأنه يمارس التطبيع؟ لأنهم يريديون لقضية القدس أن تموت في قلوب المسلمين، وأن يهجرها المسلمون ويتركها لليهود.
- ما هو وجه الشبه بين عقيدة التجسيم والتحييز عند اليهود وعند الوهابية؟ عقيدة واحدة.
- ما هو وجه الشبه بين كره اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم وبين جفاء الوهابية له؟ تطابق تام. وورد في الأثر أن بني حنيفة من أبغض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا لإظهار وجه الشبه، فلقد حاول اليهود سرقة جسد الحبيب صلى الله عليه وسلم خمس مرات وفشلوا، والآن مشائخ الوهابية وأساتذة جامعاتهم يرون أن القبة الخضراء على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التساليم وثن يعبد!!! وأن الدين لن يستقيم إلا بإزالة هذا الوثن والعياذ بالله، ومؤخراً اقترح باحثهم أن يتم تحويل القبر النبوي الشريف إلى البقيع!؟ يريدون إخراج صاحب الدار من داره!!! نعوذ بالله من النفاق.
إن الجفاء الذي يطمسون به معالم كل مكان حلت فيه بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى سد ذريعة الشرك لخير شاهد على البغض والجفاء! عن أي شرك يتحدثون؟ صدقت يا رسول الله: "وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها" رواه البخاري.
- لماذا لا يحب الوهابية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتضليلاً للعوام يقدمون الاتباع على المحبة؟ لأن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والنفاق لا يجتمعان في قلب واحد، إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم شرط للإيمان والمبالغة في حبه شرط لكمال الإيمان قال الله تعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ومسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"، وفي رواية: "حتى أكون أحبه إليه من نفسه التي بين جنبيه". ولو أن الإتباع كان يغني لأغني المنافقين الذين صلوا نفاقاً خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم مع ذلك في الدرك الأسفل من النار. ولكان أجدر أن يقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين قالوا لحمار وكان مدمن خمر: ما أكثر ما يؤتى بك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوه، فوالله إني علمت أنه يحب الله ورسوله. رواه البخاري.
الوهابية لا يحبونه حقيقة ويدعون اتباعه ظاهراً، بل لا يجدون سبيلاً إلا ونفروا الناس عنه وعن محبته، ولقد اندثر قولهم أن العصاة أنفع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه مات، أمات الله قلوبهم. وأراهم يكتمون أحاديث التبرك به صلى الله عليه وسلم الواردة في البخاري ومسلم، ويفرقون بين حبه وحب الله تعالى وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن حب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله تعالى، ففي الصحيح: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أولاها: أن يكون الله ورسوله -معاً- أحب إليه مما سواهما". ثم رأيتهم يأمرون الناس بالتقليل من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون قولة النفاق: "حب النبي -صلى الله عليه وسلم كالملح في الطعام، إن زدته أفسدت الطعام" ويضلونهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله). والنصارى عبدت عيسى بن مريم والعياذ بالله، فالنهي كان عن إخراج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبوديته لله عز وجل: (فقولوا عبد الله ورسوله)، والحمد لله أنا نحن المسلمين ما عظمنا ووقرنا رسول الله إلا لأنه عبد الله ورسوله.
- ثم انظر من يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمس النار مسلماً رآني أو رأى من رآني" رواه الترمذي وحسنه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني" وعند البخاري: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة"، إن الرسول صلى الله عليه وسلم يزور أحبابه الهائمين بحبه صلى الله عليه وسلم ولا يزور الجفاة.
إن من الوهابية من هو يبحث عن الدنيا ويتلقى الأموال وهو يعرف أنهم على باطل، ومنهم من هو مخدوع فيهم، ألا إن الأمة لا تجتمع على ضلال، وإن السواد الأعظم من المسملين على مر التاريخ ليسوا على دين الوهابية بل على التصوف الذي يعني بإيصال العبد مقام الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحانك اللهم بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
أما من التاريخ فمن قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كان أهل الكتاب، قتلة الأنبياء، المشتهرون بالتجسيم، اليهود عليهم لعنة الله، الذين يرون أن الله جسم له جوارح ويجلس على كرسي، يتعب ويرتاح، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، من قبل البعثة كان أهل الكتاب يترصدون النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم، وارجعوا إلى كتب السير، ولكن الله خيب رجاهم. وبعث رسول الله بعناية الله عز وجل، وحورب في مكة، وهاجر إلى المدينة، فكادوا له، وحاولوا قتله، وتحالفوا من المشركين في غزوة الأحزاب، فخاب مسعاهم، ثم إنهم نافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهروا وساندوا المنافقين، فكان منهم خوارج نجد الذين منهم ذو الخويصرة التميمي النجدي لعنه الله، الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إعدل يا محمد فإنك لم تعدل! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ويلك ومن يعدل بعدي إذا لم أعدل؟ فقال سيدنا عمر رضي الله عنه: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا في أصحاب له -وفي رواية إن له أصحاباً- يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم! يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية! رواه أبو داود وابن ماجة والطبراني وأحمد وغيرهم.
سبحان الله! لم تشفع لهم قراءتهم للقرءان الكريم ولا ظاهر تدينهم لأن الدين في القلب والنفاق في القلب، لا علاقة للظاهر بذلك.
وسبحان الله تدبروا، كيف وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدد جغرافيا المكان وتنبأ بمستقبلهم الكريه، ففي رواية للإمام البخاري رضي الله عنه: (فأقبل رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناتئ الجبين، كث اللحية محلوق، فقال: اتق الله يا محمد! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يطع الله إذا عصيتُ؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنوني، فسأله أحد من الصحابة قتله فمنعه فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من ضئضيئ هذا، أي في عقب هذا، قوماً يقرءون القرءان لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام ويدَعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد) صدقت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحاضر يشهد أنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، بأسهم لا يشتد إلا على المسلمين وفي هذه النقطة وقفة.
وفي رواية للحاكم صححها شرط الشيخين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج من قبل المشرق قوم كأن هديهم هكذا، يقرءون القرءان لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون إليه، ووضع يده على صدره، سيماهم التحليق، لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم، فإذا رأيتموهم فاقتلوهم). وفي رواية للحاكم أيضاً صححها على شرط الشيخين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتكم، وصيامه مع صيامهم، هم شرار الخلق والخليقة، يدعون إلى كتاب الله وليس منه في شيء، من قاتلهم كان أولى بالله منهم. قالوا: يا رسول الله ما سيماهم؟ قال: التحليق!!!) ثم انظر يرحمك الله فيسيما التحليق، أوَ عند من؟ قد أمر ابن عبد الله إحدى النساء أن تحلق رأسها فغلبته بالحجة، فقالت له إن الشعر زينة المرأة فإذا توجب عليها حلقه فإن على الرجل أن يحلق زينته وهي اللحية، فبهت.
وحتى لا يقال أن ذلك كان فيما مضى، يرحمك الله، فإن المعصوم صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً إلا وأخبر به إلى أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وفي صحيح البخاري قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: (يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فإينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة)
فلا يغترن أحد كما روى الحاكم في المستدرك وصححه على شرط الشيخين: (إن أقواماً من أمتي أشِدَّةٌ ذَلِقَةٌ ألسنتهم بالقرءان، لا يجاوز تراقيهم)، أي فصيحين بالقرءان يحسبهم الجاهل علماء، فلا يغترن أحد بقراء القرءان، ولا بالمتشدقين كثي اللحى مظهري حسن الصلوات أو الصيام أو الدعوة إلى كتاب الله عز وجل المتفوهين بكلام سيد البرية صلى الله عليه وسلم، فإن كل ذلك لا يمحو النفاق قلوبهم، ولا يزيل أنهم دسيسة اليهود لهدم الدين من داخله، ولتمزيق المسلمين وإغراء العداوات بينهم وتفتيتهم.
ثم استمر الكيد إلى أن حاولوا قتل الحبيب صلى الله عليه وسلم بالشاة المسمومة، ثم انتقل الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وظهر المرتدون وطمعوا في دين رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوَ تدرون من أول من ارتد؟ وليته ارتد وحسب بل إدعى النبوة والعياذ بالله، كان مسيلمة الكذاب، الذي كان مؤذنه في مسجده يشهد ألا إلا الله وأن مسيلمة الكذاب رسول الله!!! أو تدرون من أين مسيلمة الكذاب هذا؟ من بني حنيفة في اليمامة بنجد!!! أوَ تدرون من هم بنو حنيفة؟ وأين نجد اليوم؟ حاضرتها الرياض.
واستمرت محاولات تفتيت المسلمين، كلها في الخفاء، فكانت الفتن تترى كقطع الليل المظلم، وقتل الخلفاء الراشدون، وظهر الخوارج الروافض، وكثر القتل في المسلمين، وكلها كانت لمصلحة طرف واحد هم اليهود لعنهم الله، الذين أخرجوا من جزيرة العرب بفعالهم الشنيعة، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. فبعد أن هزموا لعنهم الله وأخرجوا من جزيرة العرب عرفوا أنهم لن ينجحوا في النيل من الإسلام بالعلن وبالظاهر، بل يتوجب عليهم أن يحاربوا الإسلام بالوكالة والخيانة، بالنفاق، ليس حرباً ظاهرة بل حرب خفية. فكان أن ناصروا كل عدو للإسلام، وأيقظوا كل فتنة، واستخدموا خبراتهم التحريفية في تحريف مراجع الدين. لم يستطيعوا أن يحرفوا القرءان الكريم لأنه محفوظ من الله عز وجل لكنهم دسوا الإسرائيليات في تفاسيره، وحرفوا كثيراً من مراجع الدين خاصة في علم الحديث، فأخفوا أحاديث ووضعوا أحاديث وضعفوا أحاديث، وله أساليب معروفة لا يتسع المجال لذكرها، لكن يكفي النظر في حديث: (استسق لقومك فإنهم هلكوا)، وكيف أن أبا صالح ضعفوه وهو ثقة.
إلى أن جاء العصر الحديث، واليهود في الشتات والتيه، يبحثون عن وطن. واستطاعوا أن يذوبوا في المجتمعات الغربية وأن يجندونها لخدمة مصالحهم، بالتمسكن إلى التمكن، تارة بالمال وتارة بالإعلام: "وجعلناكم أكثر نفيراً"، فكان لهم ما أرادوا، فتقدمت عنهم بريطانيا للإجهاز على دولة الخلافة الإسلامية التي كانوا ينظرون إليها كإمبراطورية عثمانية، تقدمت بريطانيا بعد أن أن نهشوا جسد دولة الخلافة. كل كتب التاريخ الحديث والوثائق في دور الوثائق المصرية والتركية وحتى كتاب أعمدة الحكمة السبعة للورانس تكشف تخطيط بريطانيا لقيام الثورة العربية على دولة الخلافة في تركيا، وأنها أنشأت لأجل المذاهب الضالة لتفريق المسلمين لتذهب ريحهم، فأنشأت القاديانية في الهند وما حولها، والبهائية والبابية في مصر وبعض دول جنوب شرف آسيا والوهابية في الجزيرة العربية. واستخدمت لأجل قيام هذه الثورة كل شيء من رِشى، وتسليح وإسناد وتغش وتدليس، فقتل الوهابية المسلمون في الأشهر الحرم، وفي لباس الإحرام وفي حدود الحرم الآمن. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"، ارجع إلى فتنة الوهابية في كتاب تاريخ نجد.
ولاستحلال دم المسلمين كانوا ينزلون فيهم الآيات التي نزلت في المشركين فرموا أهل الفبلة بالشرك، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرءان حتى رئيت بهجته عليه وكان ردئا للإسلام غيَّره إلى ما شاء الله، فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك، المرمي أم الرامي؟ قال: بل الرامي). رواه ابن حبان في صحيحه وابن أبي عاصم في السنة. وعمت فتنتهم وطامتهم إلى اليوم، فلا تكاد تجد مسلماً قتل إلا وتجد أن سبب قتله ذا علاقة بالوهابية.
وسقطت دولة الخلافة وقامت على أنقاضها دولة إسرائيل، موطنا لليهود لعنهم الله. وتحالفت الوهابية كسلطة دينية مع السلطة السياسية لأهل المال في جزيرة العرب، يؤمنون لهم ملكهم ويفتكون لهم بأعدائهم، ويؤمنون اليهود من شر المسلمين. إن الناظر إلى الواقع الآن لا يكاد يخطئ السلام الناعم بين الوهابيين وبين اليهود، فما سر هذا السلام؟ سل نفسك. واستعن على الإجابة بما يلي:
- هل عادت الوهابية يوماً اليهود أو حاربتهم؟ لا ولن تجرؤ، بل قال شيخ لهم في السودان: مشكلتنا ما مع اليهود، مشكلتنا مع الصوفية. وهذه حقيقة. ليس لهم مشكلة مع اليهود، بل إن المملكة العربية السعودية منعت رسمياً أئمة المساجد لعن اليهود والنصارى في المنابر، وقد قرأت هذا القرار بأم عيني.
- هل قامت المملكة بدورها كبلد يتحضن قبلة المسلمين والحرمين الشريفين في تحرير مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود الغاصبين؟ أو لتحرير أرض من أراضي المسلمين يحتلها اليهود؟ لن تفعل.
- أين تذهب أموال المسلمين، أموال النفط والحج والعمرة؟ أن يتم استثمارها؟ أليس الأولى أن يعود ريعها إلى المسلمين؟ إنها تذهب إلى إسرائيل؟ كيف!!!؟ عن طريق (السلة الأمريكية والأروبية). اللعبة بسيطة، وحتى لا يتنبه البسطاء والعوام، فإن أموال الخليج تستثمر في الولايات المتحدة وأروبا بواسطة الشركات ورجال الأعمال اليهود.إذاً فإن أموال المسلمين يستفيد منها اليهود ويستقوون بها على القضاء على الإسلام وتمزيق المسلمين وإفقارهم وقهرهم، ولو أن هذه الأموال ذهبت إلى المسلمين لكانوا قوة عظمى تجبر العالم على احترامها والوقوف عند حده.
- لماذا يغضب الوهابية عندما يزور أحد علماء المسلمين القدس، فيتهمونه بأنه يمارس التطبيع؟ لأنهم يريديون لقضية القدس أن تموت في قلوب المسلمين، وأن يهجرها المسلمون ويتركها لليهود.
- ما هو وجه الشبه بين عقيدة التجسيم والتحييز عند اليهود وعند الوهابية؟ عقيدة واحدة.
- ما هو وجه الشبه بين كره اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم وبين جفاء الوهابية له؟ تطابق تام. وورد في الأثر أن بني حنيفة من أبغض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا لإظهار وجه الشبه، فلقد حاول اليهود سرقة جسد الحبيب صلى الله عليه وسلم خمس مرات وفشلوا، والآن مشائخ الوهابية وأساتذة جامعاتهم يرون أن القبة الخضراء على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التساليم وثن يعبد!!! وأن الدين لن يستقيم إلا بإزالة هذا الوثن والعياذ بالله، ومؤخراً اقترح باحثهم أن يتم تحويل القبر النبوي الشريف إلى البقيع!؟ يريدون إخراج صاحب الدار من داره!!! نعوذ بالله من النفاق.
إن الجفاء الذي يطمسون به معالم كل مكان حلت فيه بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى سد ذريعة الشرك لخير شاهد على البغض والجفاء! عن أي شرك يتحدثون؟ صدقت يا رسول الله: "وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها" رواه البخاري.
- لماذا لا يحب الوهابية رسول الله صلى الله عليه وسلم وتضليلاً للعوام يقدمون الاتباع على المحبة؟ لأن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم والنفاق لا يجتمعان في قلب واحد، إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم شرط للإيمان والمبالغة في حبه شرط لكمال الإيمان قال الله تعالى: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ومسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"، وفي رواية: "حتى أكون أحبه إليه من نفسه التي بين جنبيه". ولو أن الإتباع كان يغني لأغني المنافقين الذين صلوا نفاقاً خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنهم مع ذلك في الدرك الأسفل من النار. ولكان أجدر أن يقر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين قالوا لحمار وكان مدمن خمر: ما أكثر ما يؤتى بك، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوه، فوالله إني علمت أنه يحب الله ورسوله. رواه البخاري.
الوهابية لا يحبونه حقيقة ويدعون اتباعه ظاهراً، بل لا يجدون سبيلاً إلا ونفروا الناس عنه وعن محبته، ولقد اندثر قولهم أن العصاة أنفع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه مات، أمات الله قلوبهم. وأراهم يكتمون أحاديث التبرك به صلى الله عليه وسلم الواردة في البخاري ومسلم، ويفرقون بين حبه وحب الله تعالى وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن حب النبي صلى الله عليه وسلم من حب الله تعالى، ففي الصحيح: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أولاها: أن يكون الله ورسوله -معاً- أحب إليه مما سواهما". ثم رأيتهم يأمرون الناس بالتقليل من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم فيقولون قولة النفاق: "حب النبي -صلى الله عليه وسلم كالملح في الطعام، إن زدته أفسدت الطعام" ويضلونهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله). والنصارى عبدت عيسى بن مريم والعياذ بالله، فالنهي كان عن إخراج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبوديته لله عز وجل: (فقولوا عبد الله ورسوله)، والحمد لله أنا نحن المسلمين ما عظمنا ووقرنا رسول الله إلا لأنه عبد الله ورسوله.
- ثم انظر من يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تمس النار مسلماً رآني أو رأى من رآني" رواه الترمذي وحسنه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رآني في المنام فقد رآني" وعند البخاري: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة"، إن الرسول صلى الله عليه وسلم يزور أحبابه الهائمين بحبه صلى الله عليه وسلم ولا يزور الجفاة.
إن من الوهابية من هو يبحث عن الدنيا ويتلقى الأموال وهو يعرف أنهم على باطل، ومنهم من هو مخدوع فيهم، ألا إن الأمة لا تجتمع على ضلال، وإن السواد الأعظم من المسملين على مر التاريخ ليسوا على دين الوهابية بل على التصوف الذي يعني بإيصال العبد مقام الإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. سبحانك اللهم بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.