الجمعة، 2 نوفمبر 2018

التحذير من التكفير والتشريك

لا يعتبر العمل عبادة لله، أو لغير الله إلا بالنية:
فالنية هي أساس كل عمل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، ولولا النية لما كان هناك فرق بين من يعبدون الأصنام وبين من يصلون إلى الكعبة المشرفة، فكلاهما أحجار، بيد أن الكفار يعبدون أحجارهم من دون الله، والمسلمون يتخذون الكعبة قبلة واتجاهًا يعبدون فيه الله عز وجل الواحد الأحد، المنزه عن الجهة والحد.
لذلك فليحذر الذين يحكمون على عقائد الناس من ظاهر الأعمال، فإنهم على خطر عظيم، فإنك إن رميت أحد المسلمين بالكفر أو الشرك بظن ووهم فإنهما يرتدان إليك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه) [متفق عليه].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رُئيت بهجته عليه وكان ردئاً للإسلام، غيَّره إلى ما شاء الله فانسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك. قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي؟ قال: بل الرامي).
[أخرجه ابن حبان في صحيحه، والبزار وحسنه، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: إسناده حسن].
فما حاجتك إلى ذلك؟؟؟ هذه مجازفة عظيمة! إن الحساب يوم القيامة فردي يوم ولن يغني عنك في الباطل غيرك وكما قال تعالى: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا)
إن الإسلام هو أن تشهد الشهادتين وتقيم أركان الدين، قال جبريل عليه السلام: "يا محمد أخبرني عن الإسلام" ، فقال له: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا)، قال: "صدقت" [متفق عليه]
والكفر بالله لا يكون إلا باعتراف الكافر: (قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ)، والشرك بالله لا يكون إلا باعتراف المشرك: (قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ)، لذلك تجد ملاحدة اليوم يجهرون بكفرهم، وعباد البقر والأصنام يجهرون بشركهم، وعباد الأب والإبن والروح القدس يعترفون بعبادتهم: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ)، ومن صدرت منه أقوالا أو أفعالا كفرية فإن أمره يرفع للقضاء الشرعي المتخصص للاستتابة ورفع الجهل، فإن تاب فذا وإلا قتل حد الردة، أما أن تدعي أنت على مسلم بأنه كافر أو أنه مشرك فقط لأنك تتوهم أمورًا على غير حقيقتها فلا ثم لا، لأنك لست الجهة الشرعية الرسمية المخولة بذلك، والاستتابة الشرعية لها شروطها وضوابطها، أما أن يكون التكفير والتشريك فوضى يخوض فيه حتى عوام الناس فهذه فتنة وضلال. 
إن الله لم يتعبد أحدًا بتفتيش نوايا الناس والحكم على إيمانهم وكفرهم من ظاهر أعمالهم، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحُرَقَةِ من جُهَيْنَةَ، قال: فصبَّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقتُ أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: "لا إله إلا الله"، قال: فكفَّ عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي: "يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟" قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: "أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟" قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم). [أخرجه البخاري ومسلم]
وفي رواية الأعمش: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا.
إن المنافقين كانوا يظهرون الإسلام ويضمرون الكفر وقد أطلع الله عز وجل نبيه على حالهم ومع ذلك لم يفضحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما التوسع في التكفير والتشريك والتبديع الذين يقع فيه عوام الناس اليوم وأدعياء العلم فليس من الإسلام في شيء.