ما يروى عن أبي هياج قال: قال لي علي بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته" فحديث ضعيف، في سنده اختلاف وحبيب بن أبي ثابت مدلس كما قال الحافظ في التقريب، وابن خزيمة وابن حبان والأعمش والبيهقي وغيرهم، وقد عنعن ولم يصرح بالسماع، فروايته لا تقوم بها حجة. وعلى افتراض صحته فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعث سيدنا عليًّا رضي الله عنه وكرم الله وجهه على قبور مسلمين، وإنما على قبور كفار ومشركين وأهل كتاب كانوا يعبدون الأصنام والأوثان ويصلون على القبور يعبدونها، وكان ذلك في بداية دولة المدينة المنورة بدليل قوله "لا تدع تمثالا إلا طمسته" وفي رواية: "ولا صورة في بيت إلا طمستها"، وفي رواية: "فلا يدع بها وثنا إلا كسره"، أما قبور المسلمين فكانت مسنَّمة -كسنام البعير- ومرتفعة عن الأرض حتى تعرف ولا تمتهن، وهو السنة، لما رواه البخاري بسنده عن سفيان التمار قال: "رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنَّما"، قال ابن قدامة في المغني: "وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه، وبه قال مالك وأبو حنيفة". وكان قبر سيدنا عثمان بن مظعون كبيرا ظاهرا، فقد روى البخاري في صحيحه عن خارجة بن زيد قال رأيتني ونحن شبان في زمن عثمان رضي الله عنه أن أشدنا وثبة الذي يثب قبر عثمان بن مظعون حتى يجاوزه.