الجمعة، 2 نوفمبر 2018

من عجائب وأسرار معجزة الإسراء والمعراج

الإسراء والمعراج معجزة عظيمة استهل الحق سبحانه وتعالى ذكرها بالسبحنة فقال: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)، واشتملت على عجائب لا تحصى ولا تعد منها:
🔷 أن النبي ﷺ أسري به وعرج بالروح والجسد معًا وليس بالروح فقط، بدليل أن المشركين كذبوه عندما قال لهم إنه أسري به إلى بيت المقدس وعاد في ليلته بينما هم يضربون أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، وطالبوه بأن يثبت لهم صحة، دعواه فسألوه عن وصف بيت المقدس، وعن حال عير لهم في الطريق إلى مكة، فلو كانت رؤيا منام لما تطلب الأمر منهم كل ذلك الإستنكار. وما حيرهم أن النبي ﷺ وصف لهم بيت المقدس وصفًا دقيقًا لا يصدر إلا عن من سكن القدس مع أن النبي ﷺ لم يسافر إلى القدس إلا في الإسراء، ثم أخبرهم عن العير التي سألوه عنها وأخبرهم أنها ستدخل مكة قبل مغيب الشمس فكان ما قال، وغير ذلك من البراهين الجلية.
🔷 أن الرحلة كانت ليلًا، وفي ليلة مظلمة هي ليلة السابع والعشرين من رجب على قول الجمهور، ولم يركب مركبة فضائية، ولم يكن يلبس بزة رواد الفضاء، ولم يكن معه ﷺ مصباح، فدل على أنه ﷺ بشر خاص من حيث:
▪أنه لا يتأثر بما يتأثر به البشر العام من جراء السرعات الخارقة، والأشعة الحارقة، والغازات الخانقة، فقد كان ينطلق بسرعة تفوق سرعة الضوء ولا تتحملها إلا مخلوقات خاصة كالملائكة والأرواح. 
▪أنه يرى في الليل كما يرى في النهار لأن الرحلة كانت في ليلة مظلمة، وفي جوف ذلك الليل البهيم وصف لقومه أدق التفاصيل كالعير التي مر بها في الصحراء، وكصلاته في طيبة دار هجرته، وكصلاته في بيت لحم مهد سيدنا عيسى عليه السلام، وكصلاته بالأنبياء في بيت المقدس، وغيرها من عجائب الأحداث.
▪أنه يرى تحت الأرض فقد قال ﷺ: (مررت ليلة أسري بي على أخي موسى قائمًا يصلي في قبره)، ولا عجب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون)، وثبت أنه ﷺ يرى من خلفه كما يرى من أمامه، وأنه لا يخفى عليه خشوع الصحابة من خلفه في الصلاة، والخشوع مكانه القلب، فمن كان لا يخفى عليه ما في القلوب فإن ما في باطن الأرض أهون عليه.
🔷 المسافة التي قطعها النبي ﷺ في الإسراء والمعراج مهولة جدًا، فقد أسري به ﷺ إلى بيت المقدس الذي يبعد عن مكة المكرمة مسافة 1,249 كيلومترًا، ومن ثم عُرج به إلى ما فوق سبع سماوات لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وأبعد من ذلك، مع العلم بأن الضوء الذي تبلغ سرعته 300 ألف كيلومتر في الثانية يحتاج إلى 8 مليار سنة ليقطع المسافة من الأرض إلى حدود السماء الدنيا! وسمك كل سماء، والمسافة بين كل سماء وسماء تعدل المسافة بين السماء والأرض، فتخيل المسافة المهولة التي قطعها رسول الله ﷺ في هذه الرحلة العجيبة، وقد أسري به ﷺ وعرج وفراشه الشريف لم يفقد دفئه، أي أن الرحلة مع كل تلك التفاصيل كانت كطرفة عين، وفي هذا إشارة إلى معانٍ قريبة من النظرية النسبية.
🔷 أن الله عز وجل كشف الحجاب الأعظم لحبيبه المصطفى ﷺ، وتجلى له فرآه، وليس لأحد سواه أن يرى الله تبارك وتعالى في الدنيا. قال رسول الله ﷺ: "رأيت ربي عز وجل" أخرجه الإمام أحمد بسند صحيح، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي ﷺ رأى ربه بعينه، وأخرج النسائي، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "أتعجبون أن تكون الخُلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد ﷺ؟ِ"، وعن أنس رضي الله عنه قال: "أن محمدًا ﷺ رأى ربه عز وجل"، وروى الخلال في كتاب السنة عن المروزي قلت للإمام أحمد بن حنبل إنهم يقولون إن عائشة قالت من زعم أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية فبأي شيء يدفع قولها؟ قال بقول النبي ﷺ "رأيت ربي"، وقول النبي ﷺ أكبر من قولها، وكان الإمام أحمد ممن يثبت الرؤية.
🔷 التجلي يعني الظهور، فالله عز وجل يتجلى أي يظهر حيث يشاء كما قال تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا)، لكنه تبارك وتعالى تنزَّه عن أن يحل في مكان لأن الحلول من صفات المخلوقين، والخالق ليس كمثله شيء. وخير مثال لتقريب معنى التجلي هو ظهور شخص على شاشة التلفاز، فإنك لو فتحت التلفاز من الداخل فإنك لن تجد بداخله ذلك الشخص لأن الأمر مجرد ظهور لا حلول، ومثال آخر أنك لو نظرت في المرآة فستظهر صورتك فيها، لكنك لو ذهبت ونظرت وراءها فلن تجد نفسك هناك، فالأمر ظهور.
🔷 أن للنبي ﷺ له علم خاص لا يعلمه أحد غيره من الخلق، فعندما أوحى الله تبارك وتعالى إلى عبده سيدنا محمد ﷺ (فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ) لم يكن معه أحد، وفرضت عليه الصلوات الخمس وليس معه أحد، وأعطي خواتيم سورة البقرة قبل أن ينزل بها جبريل عليه السلام، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لما بلغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ سدرةَ المنتهى أعطاه اللهُ عندَها ثلاثًا لم يُعطِهنَّ نبيًّا كان قبلَه:فُرِضت عليه الصلاةُ خمسًا، وأُعطِيَ خواتيمَ سورةِ البقرةِ، وغُفِر لأمَّتِه المُقْحِماتِ ما لم يشركوا باللهِ شيئًا" أخرجه مسلم
🔷 أنه مر بسيدنا موسى عليه السلام قائمًا يصلي في قبره، وصلى به في بيت المقدس، والتقاه في السماء السادسة، ما يدل على تعدد وجود الذوات الشريفة بقدرة الله تبارك وتعالى حيثما شاء وكيفما شاء.
🔷 أن موسى عليه السلام شفع للأمة لدى رسول الله ﷺ حتى خففت الصلاة من خمسين إلى خمس وبأجر الخمسين، وفيه إشارة إلى أن الميت ينفع بإذن الله تعالى، فعندما عرج بالنبي ﷺ كان سيدنا موسى عليه السلام من الأموات.
🔷 أن النبي ﷺ سافر عبر الزمن إلى يوم القيامة وحكى من مشاهد القيامة العجائب، فقال ﷺ: "لما عرج بي ربي عز وجل مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"، وقال ﷺ: "رأيت ليلة أسري بي رجالاً تقرض شفاههم بمقارض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون"