إن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وتوقيره والأدب معه والأحكام المتعلقة به صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته سواء، فلا تنفصل عصمة أزواجه مثلًا بالوفاة فهن أزواجه في الدنيا والآخرة: (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما)، ولا يُدعى باسمه مجردًا حيًا وميتًا: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم دعاء بعضكم بعضًا)، ولا يُكذب عليه حيًا وميتًا: (من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)، ويظل هو الأولى بالمؤمنين من أنفسهم حيًا وميتًا: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، ولا تُرفع الأصوات في حضرته حيًا وميتًا: (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض)، فعن السائب بن يزيد قال: كنت قائما في المسجد -يعني النبوي الشريف- فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: اذهب فأتني بهذين، -أشار إلى رجلين يرفعان صوتهما- فجئته بهما قال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما -أي جلدًا- ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ [أخرجه البخاري]
وغير ذلك مما لا يحصى ولا يعد من الأحكام والآداب التي لا تتغير بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي عياض في كتابه "الشفا بتعريف حقوق المصطفى": (واعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته).
وقال ابن العربي رحمه الله: (حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتًا كحرمته حيًا وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به)