قولك ( رضي الله عنه) جملة خبرية تفيد الدعاء، كقولنا: صلى الله على سيدنا محمد فهو في معنى اللهم صل على سيدنا محمد. ونحن اليوم نقول: فلان رحِمه الله وغفر له وادخلَه الجنة فكل ذلك في معنى الدعاء وإن كانت هذه الجُمل بصيغة الفعل الماضي.
فعليه يجوز الدعاء وطلب الرضى من الله لكل مسلم؛ وإن لم يكن صحابياً، وإلى هذا ذهب جمهور العلماء لقول الله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة:7،8].
وجرى عمل جماهير العلماء عليه، فيترضون على سلف هذه الأمة من غير الصحابة، ومن مشايخهم وأهل الخير والصلاح في كتبهم ومخاطبتهم.
قال الإمام الحافظ النووي في المجموع: (يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعُباد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمة الله عليه، أو رحمه الله ونحو ذلك).
ويجوز الترضي على العلماء أيضًا لأنهم أهل خشية كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [سورة فاطر: 28] وأهل الخشية هؤلاء رضي الله عنهم كما قال تعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) [البينة: 8] وبهذا يستحب الترضي والترحم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعُباد وسائر الأخيار كما قال الإمام الحافظ النووي.