أبو اسحاق الفزاري (ت 183هـ)، وقد أطلق عليه ابن كثير: “إمام أهل الشام في المغازي”، وترجم له صاحب الحلية: “تارك القصور والجواري، ونازل الثغور والبراري”. قيل عنه: إنه كان إذا قرأ القرآن بكى وأبكى. ومنهم أبو العباس السمّاك وكان يرتاد الثغور مع أقرانه، وله مواقف في الدفاع عن أرض الإسلام، وفي وعظ الخليفة هارون الرشيد. ومن وعظه له: اتق الله، فإنك رجل مسؤول عن هذه الأمة، فاعدل في الرعية، وانفر في السرية. ويفرد لنا [ابن] الجوزي فصلاً خاصاً في كتابه (صفة الصفوة) للزهاد والصوفية الأوائل الذين رابطوا في العواصم والثغور في القرن الثاني، نذكر منهم الشهيد ابن أبي اسحق السبيعي، وحارس ثغر المصيصة محمد بن يوسف الأصبهاني، وحارس ثغر طرسوس أبا معاوية الأسود، والغازي أبا يوسف الغسولي، والفتى المرابط يوسف ابن اسباط . (ت 199هـ) رحمهم الله جميعاً.
عسكر بن حصين أبو تراب النخشبي (ت 245هـ) من كبار مشايخ القوم المذكورين بالعلم والفتوة والتوكل، وعن جهاده يخبرنا ابن عساكر أن موطن أبي تراب الأصلي خراسان، إلا أنه خرج منها يريد عبدان والثغر. من كلامه: العارف لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء. *
السري السقطي (ت 253 هـ) الذي ينتمي إليه أكثر مشايخ الصوفية، حكى عنه المؤرخون بعض المجاهدات مارسها أثناء نزوله في أرض الروم ، ويتجلى رأيه في الجهاد حين فسر لأهل الثغر الآية الكريمة: “اصبروا وصابروا ورابطوا” فقال: صابروا عند القتال بالثبات والاستقامة. قال الحسن البزار: سألت أحمد بن حنبل عن السري بعد قدومه من الثغر فأثنى عليه. من كلامه من صفات الصوفي أن لا يتكلم بباطن علم، ينقضه عليه ظاهر الكتاب والسنة.
أبو سليمان الداراني (ت 205هـ) العارف المشهور، وهو ممن كان يرتاد الثغور. وتلميذه أحمد بن أبي الحواري، ريحانة الشام كما كان يسميه الجنيد. وقد شوهد مرابطاً في ثغر انطرسوس يجاهد في سبيل الله. وتقدم قوله: في الغزو والرباط نعم المستراح. ومنهم أبو يزيد البسطامي (ت 261 هـ) الملقب سلطان العارفين. كان خلال وجوده في الثغر يحرس طوال الليل ويذكر الله، ومن أقواله: لم أزل منذ أربعين سنة، ما استندت إلى حائط، إلاحائط مسجد أو رباط، ويقول أيضاً: أقامني الحق مع المجاهدين، أضرب بالسيف في وجه أعدائه.
محمد أبو حمزة الصوفي (ت 269هـ) جالس أحمد بن حنبل وبشر بن الحارث، وكان له مهر قد رباه، وكان يحب الغزو عليه. قال الجنيد: حبب إلي أبو حمزة الغزو، وكان يأتي بلاد الروم، والناس بالسلاح وعليه جبة صوف. ويقال إنه أول من أظهر الكلام في المحبة والشوق وجمع الهمة وصفاء الفكر.
اسماعيل أبو إبراهيم الصوفي قال عنه الخطيب في تاريخه: “…. كان مذكوراً بالخير والفضل وكثرة الغزو والحج”.
أحمد عاصم الأنطاكي، وهو من أقران الحارث المحاسبي المتوفى سنة (243هـ) وهو من متقدمي مشايخ الثغور.
أستاذ القوم أبو القاسم الجنيد البغدادي (ت 298هـ) وقد أجمع العلماء قاطبة على فضله وإمامته حتى عده ابن الأثير :”عالم الدنيا في زمانه” وقال ابن تيمية فيه: “الجنيد رضي الله عنه سيد الطائفة، إمام هدى”، إلى أن قال: ” ومن خالفه فمن أهل الضلال. وعن جهاده في سبيل الله يقول الجنيد: “وخرجت يوماً في بعض الغزوات،وكان قد أرسل إلي أمير الجيش شيئاً من النفقة، فكرهت ذلك، ففرقته على محاويج الغزاة”. من مأثوراته التي قطع فيها الطريق على المنحرفين والمتشبهين بهذه الطائفة قوله: علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.اهـ
ويفرد ابن الجوزي فصلاً خاصاً في كتابه (صفوة الصفوة) للزهَّاد والصوفية الأوائل الذين رابطوا في العواصم والثغور في القرن الثاني للهجرة منهم: أحمد بن عاصم الأنطاكي وكان يقال له (جاسوس القلوب) لحدة فراسته ويصفه بأنه من متقدمي مشائخ الثغور ومنهم أبو يوسف الغسولي الذي كان يغزو مع الناس بلاد الروم وهناك كثيرون أمثال أبي إسحق الفزاري وعيسى بن أبي إسحق السبيعي ويوسف بن إسباط وأبي معاوية الأسود (ت 199) هـ
عبد الله بن المبارك (ت 181هـ) قال عنه الخطيب البغدادي “وكان من الربانيين في العلم ومن المذكورين بالزهد.. خرج من بغداد يريد المصيصة – ثغر من ثغور الروم – فصحبه الصوفية…”. كان ابن المبارك “كثير الانقطاع محباً للخلوة”. وكان لا يخرج إلا إلى حج أو جهاد وقيل له ألا تستوحش فقال: “كيف أستوحش وأنا مع النبي r وأصحابه”. وقد صُدرت تراجم الصوفية باسمه، وفي حلية الأولياء سُئل ابن المبارك: من الناس؟ فقال العلماء. وقيل له: مَن الملوك؟ قال الزُّهَّاد. وهو أول من صنَّف في الجهاد وله كتاب الزهد والرقائق.