الجمعة، 2 نوفمبر 2018

الحاجة لبيان القرءان وتفسيره

هل القرءان لا يحتاج إلى تفسير، وأنه واضح بدليل قوله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)؟
أولا تيسير القرءان للذكر يعني تيسير تلاوته وقراءته، قال مجاهد: يعني هونا قراءته، وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن، وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل.
ولم يقل أحد ذو بال أن القرءان لا يحتاج إلى شرح وبيان وتفسير، بل يحتاج بدليل أن الله عز وجل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، فقال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)، وقال تعالى: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ)، فبيان الكتاب والتنزيل يطلب من السنة المطهرة، والمبيِّن لذلك هو الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه من أنزل عليه.
ومن الشواهد على أن القرآن يحتاج إلى بيان أن أهل اللغة استشرحوا النبي صلى الله عليه وسلم مواضع عدة منها:
▪في قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} عن ابن عباس قال: قال رجل: يا رسول الله، من أولياء الله؟ قال: "الذين إذا رُءوا ذكر الله" 
▪ولما نزلت هذه الآية: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق ذلك على الناس وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟ قال: "إنه ليس الذي تعنون! ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: (يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)؟ إنما هو الشرك"
▪وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت السيدة عائشة: يا رسول الله أليس قد قال الله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذِّب.
▪ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم {في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} فما أطول هذا اليوم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا" [أخرجه البغوي في التفسير]

وشرح النبي صلى الله عليه وسلم معان أخرى على سبيل المثال:
▪سدرة المنتهى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سدرة المنتهى.
▪المجيئ بجهنم {وجيء يومئذ بجهنم}: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها.
▪مستقر الشمس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله تعالى: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}
▪الصراط المستقيم: خطَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا خطًّا فقال: هذا سبيل الله. ثم خط عن يمين ذلك الخطّ وعن شماله خطوطًا فقال: هذه سُبُل، على كل سبيل منها شيطانٌ يدعو إليها. ثم قرأ هذه الآية: {وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} وغيرها.

كما أن القصص القرءاني وتفاصيله تحتاج إلى شرح وبيان لا يكتمل المعنى والمغزى إلا به، كقصة بقرة بني إسرائيل، وكقصة أهل الكهف، وقصص الأنبياء مع قومهم كقصة يوسف عليه السلام، وغير ذلك.

للفهم السليم هناك علوم أولية كثيرة لابد من توفرها لفهم القرآن بشكل سليم، منها على سبيل المثال:
النحو والصرف، روايات القرآن المتواترة والشاذة، أسباب النزول، ترتيب النزول، الناسخ والمنسوخ، المحكم والمتشابه، العام والخاص، العام المخصوص والعام المراد به الخصوص، المطلق والمقيد، السنة المطهرة وما ورد في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن، وغيرها.