الجمعة، 2 نوفمبر 2018

مختصر تاريخ التصوف في السودان

توجه سيدنا عبد الله بن أبي السرح إلى شمال السودان سنة 31 هجرية ولم يتمكن من فتح السودان ووقع هدنة مع دولة المقرة المسيحية ضمنت تعايشًا سلميا بين المسلمين والنوبة وبني بموجبها مسجد للمسلمين في دنقلا، هو المسجد الوحيد في السودان آنذاك. 
كانت تقع جنوب مملكة المقرة مملكة علوة المسيحية والتي كانت تغطي أجزاءًا واسعة من وسط وشرق السودان، وكانت عاصمتها سوبا.
أدت اتفاقية البقط التي استمرت لست قرون ومملكة علوة المسيحية إلى تأخر دخول الإسلام إلى السودان وانتشاره.
في عام 848 هجرية الموافق 1445 ميلادية قدم إلى السودان من المغرب الشريف أبو الحسن حمد دنانة بعد أن ترعرع في الحجاز وحفظ فيه القرءان وأخذ العلم على علمائه ثم هاجر إلى اليمن ومنها إلى المغرب وتزوج فيه بنت الشريف الجزولي صاحب (دلائل الخيرات) ثم تنقل في شمال إفريقيا حتى استقر زمانا في تلمسان بالجزائر اشتهر فيها بالتدريس والدعوة، ثم انتقل إلى مصر ومنها جنوبا إلى السودان، وحل بدنقلا ومكث بمسجدها الذي بناه الصحابي الجليل سيدنا عبد الله بن أبي السرح يدرس القرءان والعلوم الإسلامية الأخرى كالفقه المالكي والتصوف، وما أن وطن الشريف حمد علومه ومعارفه في (مسيد) السواراب بدنقلا وأعد جيلا من التلاميذ العلماء حتى قرر الارتحال. وواصل مسيرته الدعوية جنوباً داعياً ومعلماً فحط الرحال في منطقة سقادي غرب المحمية. هناك أسس مسجده الجامع على ربوة عالية مطلة على نهر النيل تسمى (قوز العشرة). قد اعتبر المؤرخون المحققون ومنهم الدكتور عبد الله الطيب أن هذا المسجد هو المسجد الجامع الثاني الذي كانت تقام فيه الجمع بعد مسجد دنقلا وبذلك أصبح معلماً تاريخياً هاماً في تاريخ الإسلام في السودان خاصة وقد كان في داخل حدود مملكة علوة المسيحية وتحت نفوذها. وكان الشريف حمد من أول العلماء الذين وفدوا إلى السودان وعززوا أركان الإسلام بالتعليم ونشر الوعي الديني بين أهله في تلك الفترة المبكرة. فقد توافد في عصره على السودان علماء أجلاء كالشيخ غلام الله الركابي الذي وفد من اليمن والشيخ تاج الدين البهاري الذي وفد من العراق والشيخ محمد القناوي الذي وفد من مصر وغيرهم من العلماء.
وفي عام 909 هجرية الموافق 1504 ميلادية تأسست مملكة الفونج أو السلطنة الزرقاء على أنقاض مملكة علوة المسيحية، وكانت أول دولة إسلامية عربية في السودان، أسهم فيها العلماء الصوفية في نشر الإسلام في كافة ربوع السودان. حيث اهتم ملوك سنار بالعلم حيث اقاموا رواق السنارية في الازهر الشريف بالقاهرة من أجل طلاب مملكة سنارالمبتعثين إلى هناك, وشجعوا هجرة علماء الدين الاسلامي للهجرة إلى السودان للدعوة ونشر العلم فلبى الدعوة كثير من رجال التصوف. وأنشأ أاحد سلاطين مملكة سنار و يدعي بادي الأحمر وقفًا بالمدينة
المنورة لاستفبال الزوار من مملكته للإقامه هناك عند زيارتهم للأراضي المقدسة ولا يزال جزء من أوقاف السودان هناك. و انتشرت أيضا الخلاوي التي تعرف أيضا بالكتاتيب في السودان لتحفيظ القران الكريم و علوم الدين واللغة العربية و الحساب.
الملخص:
1. الإسلام لم ينتشر في السودان عن طريق سيدنا عبد الله بن أبي السرح لأنه لم يفتح السودان بل عقد هدنة وهي اتفاقية البقط، وظلت دولة المقرة على دينها المسيحي مع الحفاظ على الرعايا المسلمين وإقامة مسجد واحد لهم لأكثر من ستة قرون.
2. كانت تقع جنوب مملكة المقرة مملكة علوة وأيضا مسيحية واستمرت على مسيحيتها إلى قيام السلطنة الزرقاء في عام 909 هجرية الموافق 1504 ميلادية.
3. التصوف نشأ في القرن الأول الهجري، والإمام الحافظ الحسن البصري هو أحد مشائخ الصوفية وقد ولد سنة 21 هجرية وأدرك كثيرا من الصحابة منهم سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وسيدنا أنس وسيدنا أبا هريرة. ويكفي أن التصوف عليه جمهور مشائخ السلف كما اعترف ابن تيمية في مجموع فتاويه، فهو أحد أهم علوم السلف الصالح والحمد لله.
4. من أوائل العلماء الصوفية الذين ساهموا في نشر الإسلام والعلوم الإسلامية هو الشيخ حمد أبو دنانة، فقد قدم السودان سنة 848 هجرية الموافق 1445 ميلادية ودرس في مسجد دنقلا وأنشأ مسجدا آخر في منطقة سقادي بمملكة المقرة ونشر العلوم الإسلامية في وسط السودان وساهم تلامذته كذلك في نشر الإسلام بشكل أكبر لأنهم كانوا متفرغين للدعوة أكثر من التجار.
5. عند قيام السلطنة الزرقاء وجد السادة الصوفية فرصة أكبر ورعاية من الدولة لتدريس القرآن الكريم والعلوم الإسلامية واللغة العربية، وكان ذلك أساس العلم الشرعي في السودان على مذهب جماهير أهل العلم.
6. ساهم علماء التصوف ومشائخ الطرق الصوفية في انتشار الإسلام في كل ربوع السودان وإفريقيا.
7. هذا حظ الصوفية من الفضل فما هو حظ الوهابية؟ حركة أنشأها المستعمر البريطاني قبل حوالي 260 عاما من اليوم، فما علاقتها بالإسلام والدين في السودان. إن تاريخ الوهابية في السودان لا يزيد عن 60 سنة فقط!!!