قال سيدنا سلمان رضي الله عنه وأرضاه:
"مكثت بعمورية ما شاء الله ان أمكث، ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم: أحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه، قالوا: نعم، فأعطيتهموها وحملوني معهم حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا،ً فكنت عنده ورأيت النخل، فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي. فبينا أنا عنده إذ قدم عليه بن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدنية، فوالله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام لا اسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل بن عم له حتى وقف عليه فقال؛ يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
قال: "فلما سمعتها أخذني العروراء"
قال ابن هشام: "العروراء الرعدة من البرد والانتفاض، فإن كان مع ذلك عرق فهي الرحضاء وكلاهما ممدود"
ثم تابع سيدنا سلمان رضي الله عنه وأرضاه كلامه: "حتى ظننت أني سأسقط على سيدي، فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك: ماذا تقول؟ فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة؛ ثم قال: ما لك ولهذا؟ أقبل على عملك. قال قلت: لا شيء، إنما أردت أن أستثبته عما قال."
[سيرة ابن هشام]